عشر وجها ، ونراه ـ مثلا ـ في الوجه الخامس يقول : والوجه الخامس «هدى» يعني معرفة ، فذلك قوله في النحل : (وَعَلاماتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ) (١) ... نظيرها في الأنبياء : (وَجَعَلْنا فِيها فِجاجاً سُبُلاً لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ) (٢) ، يعني يعرفون الطرق» (٣).
وهكذا يستشهد لكلّ معنى بآية سواء أكانت في السورة نفسها أم في السور الأخرى ، فالقرآن يفسّر بعضه بعضا ، وأن أفضل قرينة تقوم على حقيقة معنى اللفظ ، موافقته لما سبق له من القول ، واتّفاقه مع جملة المعنى ، وائتلافه مع القصد الّذي جاء له الكتاب بجملته (٤).
ومع أنّ طرق التفسير اختلفت ، وأساليبه تعدّدت وتباينت ، إلّا أنّ التفسير بالقرآن ظلّ دائما أمثل الطرق وأفضلها ، وقد نصّ على ذلك العلماء والمهتمون بالدراسات القرآنية ، فذكر ابن كثير (ت ٧٧٤ ه) أنّ أصحّ طرق التفسير «هي أن تفسر القرآن بالقرآن ، فما أجمل في مكان قد بسط في موضع آخر» (٥).
وحين عرض الزركشي لطرق التفسير جعل تفسير القرآن بالقرآن في مقدّمتها ، ووصف هذا الأسلوب بأنّه «أحسن طرق التفسير» (٦).
لقد كانت عنايه الشريف المرتضى بهذا الأسلوب كبيرة ، إذ أنّه أكثر من الاستشهاد بالنصوص القرآنية بحيث فاقت الشواهد القرآنية الشواهد الأخرى. فهو لا يكاد يمرّ بمسألة لغوية أو نحوية إلّا يذكر لها ما يناسبها من آيات القرآن الكريم ، وهو في هذا الصدد قوي بارع ، واستشهاداته قوية في دلالتها على ما يريد.
ففي تفسيره لقوله تعالى : (وَقالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِما قالُوا بَلْ يَداهُ مَبْسُوطَتانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشاءُ) (٧) ذكر في «غلّت أيديهم» ثلاثة وجوه منها : «أن
__________________
(١) سورة النحل ، الآية : ١٤.
(٢) سورة الأنبياء ، الآية : ٣١.
(٣) الاشباه والنظائر في القرآن الكريم : ٩٢ ، وينظر تفسير القرآن بالقرآن : ٢٩٨.
(٤) ينظر مناهل العرفان : ٥٢٠.
(٥) تفسير القرآن العظيم ، ٢ : ٣.
(٦) البرهان ، ٢ : ١٧٥.
(٧) سورة المائدة ، الآية : ٦٤.