كأنّ لون أرضه سماؤه (١)
أراد كأنّ لون سمائه أرضه ، ومثله :
ترى الثّور فيها مدخل الظّلّ رأسه |
|
وسائره باد إلى الشّمس أجمع (٢) |
أراد مدخل رأسه الظلّ ، وقال الراعي :
فصبّحته كلاب الغوث يؤسدها |
|
مستوضحون يرون العين كالأثر (٣) |
يريد أنهم يرون الأثر كالعين ؛ وقال أبو النجم :
قبل دنوّ الأفق من جوزائه
فقلب ، وقال العباس بن مرادس :
فديت بنفسه نفسي ومالي |
|
ولا آلوه إلّا ما يطيق |
أراد فديت بنفسي نفسه ، وقال ابن مقبل :
ولا تهيّبني الموماة أركبها |
|
إذا تجاوبت الأصداء بالسّحر (٤) |
أراد لا أتهيّب الموماة ؛ وهذا كثير جدّا (٥).
__________________
(١) الرجز لروبة ، وقبله :
ومهمه مغبرة أرجاؤه
(٢) البيت من شواهد (الكتاب : ٩٢ / ١) ؛ قال الأعلم : «الشاهد فيه إضافة مدخل إلى الظلّ ، ونصب الرأس به على الاتساع والقلب ، وكان الوجه أن يقول : مدخل رأسه الظل ؛ لأن الرأس هو الداخل في الظل ، والظل المدخل فيه ؛ وهو وصف هاجرة يد ألجأت الثيران إلى كنسها ، فترى الثور مدخلا لرأسه في ظل كناسه لما يجد من شدة الحجر ، وسائره بارز للشمس».
(٣) يذكر ثورا ، والغوث : قبيلة من طيىء ، ويوسدها : يغريها ومستوضحون : صيادون ينظرون : هل يرون شيئا ؛ يقال استوضح الرجل ، إذ نظر ليرى شبحا أو أثرا ، يريد أن أثر الصيد عندهم إذا رآه يكون بمنزلة الصيد بنفسه لا يخفى عليهم. (وانظر معاني الشعر لابن قتيبة ٧٤٢ ، ١١٩٣).
(٤) معاني ابن قتيبة ١٢٦٤ ، واللسان ـ هيب ؛ يقال : تهيبني الشيء بمعنى تهيبته أنا ؛ كذا ذكره صاحب اللسان واستشهد بالبيت. والموماة : المفازة ؛ والأصداء : جمع صدى ؛ وهو البوم.
(٥) حاشية بعض النسخ : «ومن المقلوب قوله تعالى : (ما إِنَّ مَفاتِحَهُ لَتَنُوأُ بِالْعُصْبَةِ) [القصص : ٧٦] ، وإنّما هو : تنوء العصبة بها ، وقوله سبحانه : (فَلا تَحْسَبَنَّ اللهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ) [إبراهيم : ٤٧] ، يريد مخلف رسله وعده ؛ وإنّما جرى القلب في كلام العرب اتساعا في الظاهر ؛ لأن المعنى فيه لا يشكل».