ـ يستعمل الشاهد الشعري للوصول إلى دلالة لفظة مفردة في آية كريمة كما في قوله تعالى : (وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِما لا يَسْمَعُ) (١) ، ففي بيانه لدلالة «ينعق» قال : «اختلف الناس في «يعنق» فقال أكثرهم : لا يقال نعق ينعق إلّا في الصياح بالغنم وحدها ، وقال بعضهم نعق ينعق بالغنم والإبل والبقر ؛ والأوّل أظهر في كلام العرب ، قال الأخطل (٢) :
فانعق بضأنك ، يا جرير فإنّما |
|
منتك نفسك في الخلاء ضلالا (٣) |
وفي كثير من الأحيان يستطرد المرتضى في شرح المفردات الشعرية وبيان دلالتها ، وقد دلّت هذه الشروح على تمكّن المرتضى من اللغة وإحاطته بشواردها ، وفي بيانه لمعنى اللفظة (ينعق) يستطرد المرتضى في ذكر دلالاتها ومختلف معانيها ، فيقول : «ويقال أيضا : نعق الغراب ونغق ، بالغين المعجمة ، إذا صاح من غير أن يمد عنقه ويحركها ، فإذا مدها وحركها ثمّ صاح قيل : نعب ، ويقال أيضا : نعب الفرس ينعب وينعب نعبا ونعيبا ونعبانا ، وهو صوته ، ويقال : فرس منعب ، أي جواد ، وناقة نعابة. إذا كانت سريعة» (٤). وقد فرق ابن فارس بين اللفظتين (نعق ونغق) ، فقال : «نعق» النون والعين والقاف كلمة تدلّ على صوت ، ونعق الراعي بالغنم ينعق وينعق إذا صاح به زجرا» (٥). وفي «نغق» قال : «النون والغين والقاف ليس فيه إلّا نغق الغراب نغيقا» (٦).
وقد يأتي بالشاهد الشعري ليوضح دلالة لفظة معيّنة أكسبها السياق دلالة جديدة ، ففي بيانه لدلالة لفظة «نسينا» في قوله تعالى : (رَبَّنا لا تُؤاخِذْنا إِنْ نَسِينا أَوْ أَخْطَأْنا) (٧) ، يتساءل المرتضى : كيف يجوز أن يأمرنا على سبيل الدعاء
__________________
(١) سورة البقرة ، الآية : ١٧١.
(٢) ديوانه ، ١ : ١١٦.
(٣) أمالي المرتضى ، ١ : ٢١٨ ، وينظر تفسير الطبري (جامع البيان) ، ٢ : ٤٩ ، وغرائب القرآن ، ٢ : ـ ٦٥ ـ ٦٦.
(٤) أمالي المرتضى ، ١ : ٢١٩ ، وينظر أدب الكاتب : ١٣٥.
(٥) مقاييس اللغة ، ٥ : ٤٤٥.
(٦) نفسه ، ٥ : ٤٥١.
(٧) سورة البقرة ، الآية : ٢٩٦.