ثم على فرض القول بوجوب الاستناد فلا بد من تعيين المجتهد الّذي يستند إليه ولا يكفي قصد أحدهم بعنوان صدق المجتهد عليه بنحو الجنس لعدم المصداق لهذا العنوان المردد لأن المردد بما هو مردد لا واقع له ماهية ووجودا كما حرر في محله ولا يمكن قصد المجموع من حيث المجموع أيضا لأن المفروض ان فتوى كل واحد منهم حجة على حدة والقصد كذلك يوجب خلف الفرض لأن لازمه ان يكون فتوى كل واحد منهم جزء الحجة.
والعمل وان كان صحيحا إذا طابق الواقع ولكن على فرض دخل الاستناد فصحته غير إمكان الاحتجاج به عند المولى فلا بد من تعيين المفتي ليمكن الاحتجاج في تطبيق العمل على فتواه فتحصل انه لا يجب التعيين على الموضوعية والطريقية وعلى فرضه فلا بد من الاستناد إلى شخص خاص لا الواحد المردد ولا المجموع من حيث المجموع.
الأمر الثالث إذا لم يكن التفاضل بين المجتهدين من حيث العلم ولكن كان أحدهم أورع فهل يجب تقليد الأورع أم لا فيه خلاف فربما يقال بوجوب تقليد الأورع كما عن السيد وهو المشهور لأن الأمر يدور بين التعيين والتخيير والعقل يحكم بوجوب الأخذ بالأورع ولأن الاشتغال اليقينيّ لا يحصل البراءة منه الا بهذا النحو.
وقد أجيب عنه بان ما هو دخيل في الحجية هو العلم لا التقوي لأن أقربية الفتوى إلى الواقع تحصل بواسطة الأعلمية بطريق الاستنباط ولا ربط للتقوى بها وبعبارة أخرى بعد شرطية العدالة في المجتهد وعدم حجية فتوى غير العادل لا دخل للأعدلية في كونه صاحب هذا المنصب فان أصل العدالة شرط خارج عن أقربية الدليل إلى الواقع ولكن يكون شرطيتها من جهة عدم لياقة غيره للفتوى واما الأعدلية فهي امر زائد عن شرائط الفتوى وعن شرائط الأقربية إلى الواقع.
فان قلت ان الأورع ربما يتفحص أزيد من غيره لأن مقتضى أورعيته ملاحظة حكم الله تعالى بنحو أضبط وأحسن قلت الكلام يكون في صورة إحراز ان غيره