ان الأحكام ليست إلّا أرادت مبرزة بحيث لو تفوه فهم الحكم من الشارع بطريق آخر يكون هو الإرادة وهي ليست من الأمور الجعلية بل من الأمور التكوينية ومع عدم كشفها بالإبراز وان لم يكن الحكم بمعنى فرمان في الفارسية صادقا عليه ولكن موضوع وجوب الامتثال ليس إلّا كشف إرادة المولى (١) ثم لتوضيح البحث عن الأحكام الوضعيّة يلزم التوجه إلى امر وهو ان الوجود اما أصيل وهو ان يكون الخارج ظرف وجوده واما انتزاعي وهي ما يكون لفظه في التعبير بلسان العربي مذيلا بكلمة (يت) أو (وة) مثل فوقية وزوجية وجزئية وكلية ومثل أبوة وبنوة ويكون الخارج ظرف خارجيته لا وجوده وهو المعقول الثاني واما ان يكون اعتباريا مثل البيع والشراء والضمان والملك على المشهور وفرقه مع الانتزاعي (٢) هو ان منشأ الانتزاع فيه موجود ولو لم يكون في العالم لاحظ فان الفوق
__________________
(١) أقول موضوع وجوب الامتثال وان كان كشف الإرادة الإلزامية ولكن هذا مع تسليمه مد ظله بان الحكم لا يصدق عليه لعله غير مراد للقائلين بان المجعول هو الحكم بل حيث رأوا انه لا طريق في العرف وفي القوانين المدونة في الدول الا بالإبراز بكتابة أو لفظ أو غير ذلك وفي الشرع أيضا غير ممكن الا للأنبياء بالوحي وإبرازه بواسطة مثل جبرئيل قالوا بان الحكم هو الإبراز وهو امر غير الإرادة وان كان ناشئا منها وما ذكره مد ظله تبعا لشيخه العراقي قده وان كان متينا في الواقع ولكن الكلام على ما هو المتفاهم من عنوان البحث هو هذا المعنى من حيث الصدق العرفي ومع عدم دخله في وجوب الامتثال وعدمه ومع عدم الفرق بين الأحكام الوضعيّة والتكليفية لا ثمرة في النزاع.
(٢) أقول ما في كلامه مد ظله من ان الانتزاعي يكون الخارج ظرف خارجيته الا نفهمه وما وجدنا في كلام أهل الفلسفة هذا التعبير فان الخارج اما ان يكون ظرف وجود الشيء أو لا يكون الشيء فيه بل في الذهن فقط وما لا يكون له ما بإزاء في الخارج يكون هو المعقول الثاني باصطلاح المنطقيين وهو في اصطلاح أهل الفلسفة يطلق في الأعم من ذلك كما حرر في ومحله والمعقول الثاني معناه ما يعقل ثانيا وفي أمثال ما ذكره من الانتزاعيات لا يكون ـ