فانبرت أسماء ، وهيّأت لها الماء
فاغتسلت فيه ثمّ قالت لها :
«
ايتيني بثيابي الجدد ».
فناولتها ثيابها ، وهتفت بها ثانية :
« اجعلي فراشي في وسط البيت ... ».
وذعرت أسماء ومشت
الرعدة بأوصالها ، فقد أحسّت أنّ وديعة النبيّ لا حقة بأبيها ، ووضعت أسماء الفراش
لها فاضطجعت عليه ، واستقبلت القبلة ، والتفتت إلى
أسماء فقالت لها بصوت خافت :
«
يا أمّاه ، إنّي مقبوضة الآن ، وقد تطهّرت ، فلا يكشفني أحد ... » .
وأخذت سيّدة
النساء تتلو آيات من القرآن الكريم حتى فارقت الحياة ولسانها يلهج بذكر الله
تعالى.
لقد سمت روحها
العظيمة إلى الله تعالى شاكية إليه ما لاقته من الخطوب والكوارث ، لقد ارتفعت تلك
الروح العظيمة إلى جنان الله ورضوانه تحفّها ملائكة الله ، ويستقبلها أنبياء الله.
فما أظلّت سماء الدنيا في جميع مراحل الحياة مثل بضعة الرسول في قداستها وإيمانها
، لقد انقطع بموتها آخر من كان في دنيا الوجود من نسل رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم.
وقفل الحسنان إلى
الدار بلهفة يسألان عن أمّهما فأخبرتهما أسماء بوفاتها ، وهي غارقة في العويل
والبكاء ، فكان ذلك كالصاعقة عليهما فهرعا مسرعين إلى جثمانها فوقع عليها الحسن
وهو يقول :
«
يا أمّاه ، كلّميني قبل أن تفارق روحي بدني ».
وألقى
الحسين نفسه عليها وهو يقول بذوب روحه :
__________________