بخت نصّر ، فمرّ عليه شعيا فرآه خرابا فقال : (أَنَّى يُحْيِي هذِهِ اللهُ بَعْدَ مَوْتِها فَأَماتَهُ اللهُ مِائَةَ عامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ) وابتناه ملك من ملوك فارس يقال له كوشك.
وقال وهب بن منبّه : لمّا أراد الله جلّ وعزّ أن يبني بيت المقدس ألقى على لسان داود فقال : يا ربّ ما هذا البيت؟ فأوحى الله عزّ وجلّ إليه : يا داود هذا محلّة رسلي. وأهل مناجاتي ، وأقرب الأرض إلى فصل القضاء يوم القيامة ، ضمنت ألّا يأتيه عبد كثرت ذنوبه وخطاياه إلّا غفرت له ، ولا يستغفرني إلا غفرت له وتبت عليه ، قال : يا ربّ وارزقني أن آتية. فأوحى الله عزّ وجلّ إليه : يا داود لا يخالط من التبست كفّاه بالدنيا. قال : يا ربّ أما قبلت توبتي وأعطيتني رضائي ، فأوحى الله عزّ وجلّ إليه : أن البيت طاهر طهّرته من الذنوب ، وغسلته من الخطايا ، فلذلك منعتك بناءه حتى يجرى بناؤه على يدي نبيّ من أنبيائي تقي الكفّين ، وقد كان داود أسّس أساس المسجد حتى ارتفعت الجدر ، فأوحى الله جلّ وعزّ إليه يأمره أن يمسك عن البناء ، ويعلمه أن الذي يتولّى بناءه من بعده ابنه سليمان وأنه قد جعل له اسم ذلك البناء وبشّره بما يعطي سليمان بعده من عظيم الملك ، فلمّا أوحى الله جلّ وعزّ إلى داود بذلك أمسك عن البناء ، فلمّا توفّي داود وملك سليمان أمر ببناء البيت ، وأمر أن يجري في كل سنة من البر عشرون ألف كرّ ، ومن الزيت عشرون ألف كرّ زيتون ، وكان له سبعون ألف رجل أصحاب مساح ومرور ، وثمانون ألف رجل ممن ينحت الحجارة ، فبناه بالحجارة ، وبطّنه بألواح من خشب مزخرف ، وبطّن البيت الذي كان يقرّب فيه بصفائح من ذهب ، ووضع في البيت الذي كان يقرّب فيه مثال ملكين من خشب منقوشين ، وألبسهما صفائح الذهب ، وجعلها عن يمين المذبح وعن يساره في الحائط ، واتّخذ له أبوابا منقوشة بالذهب ، واستتمّ عمله في ثلاث عشرة سنة ، ثم وجّه إلى الصين فأتي برجل يعمل الشبه والنحاس ، فاتّخذ أمتعة للبيت لا تحصى عددا ، واتّخذ عمودين من نحاس ، طول كلّ واحد ثمانية عشر ذراعا في غلظ اثني عشر ذراعا ، واتخذ على رأسهما إجّانتين كل واحدة في طول خمسة أذرع ، واتّخذ لهما أغطية وسلاسل ، وعلّق فيهما أربع مائة رمّانة شبه صفّين ، يقابل بعضها بعضا ، واتّخذ حوضا من نحاس ، يحمله اثنا عشر ثورا