قوله : (وَما مِنْ حِسابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ) تفيد الجملتان معا أن الحكم وهو البينونة من الطرفين ، كقوله : (لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَ) (١) ، وقوله : (طَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ) (٢).
قوله سبحانه : (أَلَيْسَ اللهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ)
الآية وان كانت مطلقة ، لكن السياق يعطي أنّ المفتونين هم الأغنياء من المشركين ، والمفتون بهم هم الفقراء من المؤمنين ، وقولهم : (أَهؤُلاءِ) للتحقير ، وقولهم : (مَنَّ اللهُ عَلَيْهِمْ) كلام مسوق للسخريّة بتسمية الإيمان منّا ، ولذلك سمّاهم سبحانه : (بِالشَّاكِرِينَ) لمكان قبولهم المنّ ووضعهم إيّاه موضعه وهو الإيمان.
قوله سبحانه : (وَإِذا جاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآياتِنا فَقُلْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ)
قوله : (يُؤْمِنُونَ) ، كأنّه مستعمل في الحال بالأشراف ، والمراد به الذين يجيؤن النبي ليؤمنوا ، ولذلك عقّبه بقوله : (بِآياتِنا) ، ولم يجر على ما هو المعهود من قوله : (الَّذِينَ آمَنُوا) ، وهذا هو الأنسب لقوله آنفا : (وَأَنْذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلى رَبِّهِمْ لَيْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ وَلِيٌّ وَلا شَفِيعٌ).
وقوله : (سَلامٌ عَلَيْكُمْ)
تنكير المبتدأ كأنّه للتنويع.
__________________
(١). الممتحنة (٦٠) : ١٠.
(٢). المائدة (٥) : ٥.