سيقدم إلى ما عملوا من عمل اريد به غيره ، فيجعله هباء منثورا (١) حين يضلّ عنهم ما كانوا يدعون من قبل (٢) وما كانوا يفترون. (٣)
وكلّ أمر واقع فإنّما نصيبه من البقاء والبركة بقدر ما لله سبحانه فيه من النصيب ؛ فلو كان منعوتا بنعته مسمّى باسمه مقصودا لأجله سبحانه ، وإلّا فهو هالك أبتر لا عقب له. وهذا معنى ما رواه الفريقان عن النبيّ ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ : «كلّ أمر ذي بال لم يبدأ فيه باسم الله فهو أبتر». (٤) الحديث.
ثمّ إنّه سبحانه كرّر في كلامه ذكر السورة كثيرا ، كقوله سبحانه : (فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ)، (٥) وقوله سبحانه : (فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَياتٍ)، (٦) وقوله تعالى : (فَإِذا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ) ، (٧) وقوله تعالى : (سُورَةٌ أَنْزَلْناها وَفَرَضْناها). (٨)
فبان لنا من ذلك : أنّ لهذه الطوائف من كلامه سبحانه ـ التي فصّلها قطعا قطعا وسمّى كلّ قطعة منها سورة ـ نوعا من وحدة التأليف والتمام لا يوجد بين أبعاض من سورة ، ولا بين سورة وسورة.
ومن ذلك يعلم : أنّ الأغراض والمقاصد في السور مختلفة ، وأنّ كلّ واحدة منها مسوقة لبيان معنى مقصود خاصّ لن تتمّ إلّا بتمامه. وعلى هذا : فالتسمية في أوّل كلّ سورة ـ على ما تقدّم من البيان ـ راجعة إلى توصيف المعنى المقصود
__________________
(١). اشارة الى سورة الفرقان (٢٥) : ٢٣.
(٢). اشارة الى سورة فصّلت (٤١) : ٤٨.
(٣). اشارة الى سورة آل عمران (٣) : ٢٤ ؛ الأنعام (٦) : ٢٤ ؛ الأعراف (٧) : ١٥١.
(٤). بحار الأنوار ٧٣ : ٣٠٥ ، الحديث : ١ ، و ١٠٧ : ١٠٨ ، الحديث : ٢٩ ؛ مسند أحمد ٢ : ٣٥٩.
(٥). يونس (١٠) : ٣٨.
(٦). هود (١١) : ١٣.
(٧). محمّد (٤٧) : ٢٠.
(٨). النور (٢٤) : ١.