أليس من قولك : إنّ الأنبياء معصومون؟ فقال : «بلى» ، قال : فما معنى قول الله تعالى : (وَعَصى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى) (١)؟ قال : «إنّ الله تعالى قال لآدم : (اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلا مِنْها رَغَداً حَيْثُ شِئْتُما وَلا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ) (٢) وأشار لهما إلى شجرة الحنطة (فَتَكُونا مِنَ الظَّالِمِينَ) ، (٣) ولم يقل لهما : لا تأكلا من هذه الشجرة [لا] ممّا كان من جنسها ، فلم يقربا تلك الشجرة ، (٤) وإنّما أكلا من غيرها لمّا أن وسوس الشيطان إليهما ، وقال : (ما نَهاكُما رَبُّكُما عَنْ هذِهِ الشَّجَرَةِ) (٥) وإنّما نهاكما أن تقربا غيرها ، ولم ينهكما عن الأكل منها (إِلَّا أَنْ تَكُونا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونا مِنَ الْخالِدِينَ* وَقاسَمَهُما إِنِّي لَكُما لَمِنَ النَّاصِحِينَ) (٦) ولم يكن آدم وحوّاء شاهدا قبل ذلك من يحلف بالله كاذبا (فَدَلَّاهُما بِغُرُورٍ) (٧) فأكلا منها ثقة بيمينه بالله ...» (٨) الخبر.
أقول : وهو عليهالسلام أخذ في الرواية الشجرة النوعيّة والنهي متعلّقا بفرد من النوع على نحو الإشارة إلى الحقيقة ، والغرور بالتأوّل من النوع بالفرد ، فكأنّ شجرة الحنطة كانت كثيرة متعدّدة في الحقيقة ، وإنّما نهى الله تعالى عن القرب من أحدها بعنوان الإشارة إلى النوع ، والشيطان غرّهما بأنّ النهي عن فرد معيّن دون سائر الأفراد ، فأكلا من شجرة أخرى زعما أنّها غير التي نهى عنها ، وهذا البيان
__________________
(١). طه (٢٠) : ١٢١.
(٢). البقرة (٢) : ٣٥.
(٣). البقرة (٢) : ٣٥.
(٤). في المصدر : + «ولم يأكلا منها»
(٥). الأعراف (٧) : ٢٠.
(٦). الأعراف (٧) : ٢٠ ـ ٢١.
(٧). الأعراف (٧) : ٢٢.
(٨). عيون أخبار الرضا ـ عليهالسلام ـ ١ : ١٩٦ ـ ١٩٧ ، الحديث : ١.