بالعمرة ، حيث يصح أن يتمتع الحاج بحالة الحلّ بين العمرة ووقت الوقوف في عرفات على ما شرحناه في سياق آيات الحج في سورة البقرة. والتحلل من حالة الإحرام بالنسبة للقول بأنها التسربل بلباس الإحرام والامتناع عن الطيب والنساء هو ممارسة ما كان ممنوعا من حلاقة الشعر أو تقصيره ولبس الثياب المخيطة والتطيّب والتزين ومباشرة النساء بعد نحر الهدي. ولقد شرحنا قبل مدى حرمة الصيد في حالة الحرم. وهناك أحاديث نبوية تسوغ قتل الحيوانات الضارة في هذه الحالة صدرت عن النبي صلىاللهعليهوسلم فيما يبدو جوابا على سؤال أو بسبيل الاستدراك منها حديث رواه الخمسة عن حفصة عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال «خمس من الدوابّ لا حرج على من قتلهن الغراب والحدأة والفأرة والعقرب والكلب العقور. وفي رواية خمس فواسق يقتلن في الحلّ والحرم : الحية والغراب الأبقع والفأرة والكلب العقور والحدأة» (١) ومنها حديث رواه البغوي بطرقه عن أبي سعيد الخدري قال «قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقتل المحرم السبع العادي» (٢). وحكمة الأحاديث ظاهرة فضلا عن أن هذه الحيوانات ليست صيدا.
والعبارة القرآنية في الآيتين مطلقة. بحيث تشمل صيد البرّ والبحر وقد اقتضت حكمة التنزيل أن يستثنى صيد البحر من التحريم في آية أخرى من هذه السورة على ما سوف يأتي شرحه بعد.
ولقد روى الطبري وغيره من المفسرين (٣) عن أهل التأويل أقوالا مختلفة في صدد ما إذا كانت الآية الثانية منسوخة أو محكمة. منها أن جميع الآية منسوخة بآية التوبة هذه (فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تابُوا وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٥)) ومنها أن المنسوخ منها هو (وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ
__________________
(١) التاج ج ٢ ص ١٠٧.
(٢) انظر تفسير البغوي للآيات [٩٤ ـ ٩٧] من هذه السورة.
(٣) انظر تفسير البغوي وابن كثير والخازن والطبري والزمخشري ورشيد رضا والقاسمي.