الاستئذان سواء أكانوا رجالا أم نساء ومحارم وغير محارم على ما شرحناه قبل أيضا.
وقد يتبادر لأول وهلة أن جملة (وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ) وجملة (وَإِذا بَلَغَ الْأَطْفالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ) تعنيان ذكور الأطفال. غير أن التمعن في الموضوع يظهر أنهما تشملان ذكور الأطفال وإناثهم. فتعبير بلوغ الحلم يصحّ أن يستعمل لكلا الجنسين وإيجاب الاستئذان على إناث الأطفال في العورات الثلاث أمر بديهي بل أولى. وإيجاب الاستئذان على البالغات منهن في غير العورات الثلاث إذا أردن الدخول لغير بيوتهن داخل في متناول الآية [٢٧] التي أوجبت الاستئذان والاستئناس والإذن على من يريد الدخول على بيت غير بيته.
والمتبادر أن جملة (الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ) تعني المماليك فقط وليس الخدم إطلاقا. والمرأة الحرة محرمة على مملوكها. ولذلك سمح لها في الآية [٣١] بإبداء زينتها أمامه على ما شرحناه قبل. ولقد سمح في هذه الآية أيضا للمرأة بإبداء زينتها أمام خدمها من الرجال إذا كانوا غير ذوي إربة فيكون شأنهم شأن المماليك أي يجب عليهم الاستئذان في العورات الثلاث. أما الخدم والتابعون ذوو الإربة فليس للمرأة أن تبدي زينتها أمامهم في الأوقات العادية أيضا. ومن باب أولى في العورات الثلاث. ومن تحصيل الحاصل أن يقال إن مماليك الغير وخدمهم هم أجانب وغير محارم للمرأة التي ليسوا هم لها وإن شأنهم في كل موقف شأن الأجانب وغير المحارم ولو كان خدم الغير غير ذوي إربة. وإذا كنا خصصنا المرأة بالذكر فذلك بسبب حالتها الجنسية. والآيتان اللتان نحن في صددهما واللتان أوجبتا الاستئذان قبل الدخول على المماليك والأطفال في العورات الثلاث جاءتا بصيغة مطلقة بحيث يتناول حكمهما الرجال والنساء معا على ما ذكرناه قبل.
(وَالْقَواعِدُ مِنَ النِّساءِ اللاَّتِي لا يَرْجُونَ نِكاحاً فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُناحٌ أَنْ يَضَعْنَ