البخاري وأبو داود والترمذي عن ابن عباس قال «أقام النبي صلىاللهعليهوسلم تسعة عشر يقصر. فنحن إذا سافرنا تسعة عشر قصرنا وإن زدنا أتممنا» (١) وفي مسافة السفر روى البخاري «أنّ ابن عمر وابن عباس كانا يقصران ويفطران في أربعة برد وهي ستة عشر فرسخا» (٢) وروى مسلم وأبو داود وأحمد عن يحيى بن يزيد قال «سألت أنس بن مالك عن قصر الصلاة فقال كان رسول الله إذا خرج مسيرة ثلاثة أميال أو ثلاثة فراسخ صلّى ركعتين» (٣) وبسبب التباين في المسافة في الأحاديث اختلف الفقهاء في المسافة التي يصحّ القصر فيها فمنهم من أخذ بالمسافة الطويلة ومنهم من أخذ بالمسافة القصيرة. ويرد لبالنا أن نقول إن ما ورد في الأحاديث اختلاف وفرق كبير قد يكون كلّه صحيحا ووقع في ظروف اختلفت فيها درجة الجهد والمشقة والتعب وحالة الطريق والموسم والماء والطعام إلخ. وقد يتبادر أن هذا يظل المقياس في الأمر. وإن المسلم يوكل فيه إلى إيمانه وتقواه. فإذا شق عليه السفر وجهد في المسافة القصيرة جاز له أن يقصر والله تعالى أعلم.
وهناك حديث يرويه الإمام مالك عن عائشة أنها قالت «فرضت الصلاة ركعتين ركعتين في السفر والحضر فأقرّت في السفر وزيدت في الحضر». وجملة (فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ) تفيد كما هو المتبادر أن القصر طارئ وليس أصيلا حيث يسوغ ذلك التوقف في الحديث.
هذا والجمهور على أن القصر هو للصلوات الرباعية فقط. أي الظهر والعصر والعشاء. فتقصر على ركعتين. وإن صلاتي الفجر والمغرب تبقيان على حالهما. وهذا مستفاد من الأحاديث التي اقتصر الكلام فيها على الركعتين بدلا من الأربع.
(وَلا تَهِنُوا فِي ابْتِغاءِ الْقَوْمِ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَما تَأْلَمُونَ
__________________
(١) المصدر السابق نفسه.
(٢) المصدر نفسه.
(٣) المصدر نفسه.