وإن لم يشبههما فهو باطل» فإنّه لا توجيه لهاتين القضيّتين ، إلّا ما ذكرنا : من إرادة الأبعديّة عن الباطل والأقربيّة إليه.
______________________________________________________
حيث جعل الإمام عليهالسلام معيار الأخذ مجرّد كون أحدهما أبعد عن الباطل لأنّه أشبه بهما من الآخر ، ثمّ قال : (وإن لم يشبههما فهو باطل) (١) وحيث جعل الإمام عليهالسلام معيار عدم الأخذ مجرّد كون أحدهما أقرب إلى الباطل لأنّه لم يشبه الكتاب والسنّة.
والمراد من الشباهة بالكتاب والسنّة هو : انّ الروح العامّ المستفاد منهما يشبهه هذا الحديث ، أو يشبهه ذلك الحديث ، فالروح العامّ المستفاد من قوله سبحانه : (وَلا تَجَسَّسُوا) (٢) ـ مثلا ـ هو : عدم تدخّل الانسان في شئون الآخرين حيث يكرهون ذلك التدخّل ، فإذا ورد حديثان أحدهما يقول : لا بأس بتدقيق النظر في متاع الغير الذي يريد نقله من السوق إلى البيت ، ممّا يكرهه ذلك الغير ، ويقول الحديث الآخر : فيه بأس ، فالحديث الثاني أشبه بالكتاب والسنّة من الحديث الأوّل ، وهذا المعنى أيضا مستفاد من قولهم عليهمالسلام : «ينظر إلى ما هم أميل إليه حكّامهم وقضاتهم» (٣) كما تقدّم تفسيره.
وعليه : (فإنّه لا توجيه لهاتين القضيّتين) وهما قضيّة : «فان أشبههما فهو حقّ» وقضيّة : «وان لم يشبههما فهو باطل» (إلّا ما ذكرنا : من إرادة الأبعديّة عن الباطل) فيؤخذ به (والأقربيّة إليه) أي : إلى الباطل فيطرح.
__________________
(١) ـ تفسير العياشي : ج ١ ص ٩ ح ٧ ، وسائل الشيعة : ج ٢٧ ص ١٢٣ ب ٩ ح ٣٣٣٨١.
(٢) ـ سورة الحجرات : الآية ١٢.
(٣) ـ الكافي ج ١ ص ٦٨ ح ١٠ ، تهذيب الاحكام : ج ٦ ص ٣٠٢ ب ٢٢ ح ٥٢ ، من لا يحضره الفقيه : ج ٣ ص ٨ ب ٢ ح ٣٢٣٣ ، وسائل الشيعة : ج ٢٧ ص ١٠٦ ب ٩ ح ٣٣٣٣٤.