ومن هنا يظهر ضعف ما وجّه به ، كلام السيد المتقدم ، صاحب القوانين بعد ما تبعه في الاعتراف بأنّ هذا الظنّ ليس منشؤه محض الحصول في الآن السابق ، لأنّ ما ثبت جاز أن يدوم ، وجاز أن لا يدوم ، قال :
«بل لأنّا لمّا فتّشنا الأمور الخارجية من الأعدام والموجودات ، وجدناها مستمرة بوجودها الأوّل على حسب استعداداتها وتفاوتها في مراتبها ، فنحكم فيما لم نعلم حاله بما وجدناه في الغالب
______________________________________________________
بأن كان من الشك في المقتضي.
(ومن هنا) أي : مما أوردنا على كلام السيد الصدر (يظهر ضعف ما وجّه به كلام السيد المتقدّم) وهو السيد الصدر الشارح للوافية والموجّه هو (صاحب القوانين) وذلك (بعد ما تبعه في الاعتراف بأنّ هذا الظنّ) بالبقاء (ليس منشؤه محض الحصول في الآن السابق) إذ محض الحصول سابقا لا يوجب الظن بالبقاء حقا (لأنّ ما ثبت جاز أن يدوم ، وجاز أن لا يدوم).
ثم (قال :) بعد ذلك ، معللا الظن بالبقاء : بأن منشأه ليس هو محض الحصول ، وإنّما منشؤه الغلبة كما قال : («بل لأنّا لمّا فتّشنا الأمور الخارجية من الأعدام والموجودات) ولا يخفى : إن التعبير عن الأعدام بالأمور الخارجية ، فيه نوع مسامحة (وجدناها مستمرة بوجودها الأوّل على حسب استعداداتها وتفاوتها في مراتبها) حيث إن بعضها مستعدّ للبقاء ألف سنة ، وبعضها مستعدّ للبقاء مائة سنة ، وهكذا.
وعليه : (فنحكم فيما لم نعلم حاله بما وجدناه في الغالب).
مثلا : إذا رأينا إن أغلب الحبوبات تبقى سنة ، ورأينا حبا يبقى سنتين ، وحبا يبقى ثلاث سنوات ، ورأينا حبا رابعا لا نعلم هل إنه يبقى شهرا ، أو سنة ، أو أكثر؟