وتدكّ كالكرة فيستوي عاليها بأسفلها ؛ عندئذ نزلت النازلة ، وجاءت القيامة. وقد انفرط عقد الكون المنظور ، واختلّت روابطه وضوابطه التي تمسك به ، فترى السماء مشقّقة واهية مسترخية ، ساقطة القوة بعد ما كانت محكمة. والسماء مسكن الملائكة ، فإذا انشقت تعلّق الملائكة بجوانبها وأطرافها ، والعرش فوقهم يحمله ثمانية : ثمانية أملاك ، أو ثمانية صفوف منهم ، أو ثمانية أصناف ، أو طبقات من طبقاتهم ، أو ثمانية مما يعلم الله ، ولا ندري نحن من هم ولا ما هم.
(يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لا تَخْفى مِنْكُمْ خافِيَةٌ) (١٨) فالكلّ مكشوف ، مكشوف الجسد ، مكشوف النفس ، مكشوف الضمير ، مكشوف المصير.
ألا إنه لأمر عصيب ، وقوف الإنسان عريان الجسد ، عريان النفس ، عريان المشاعر ، عريان التاريخ ، عريان العمل ، ما ظهر منه وما استتر ، أمام تلك الحشود الهائلة من خلق الله من الإنس والجن والملائكة ، وتحت جلال الله وعرشه المرفوع فوق الجميع.
[الآيات ١٩ ـ ٢٤] : تصف مشهد المؤمن الناجي ، وهو ينطلق في فرحة غامرة بين الجموع الحاشدة ، وتملأ الفرحة جوانحه فيهتف : اقرءوا كتابي فأنا من الناجين ، لقد أيقنت بالجزاء والحساب. فيعيش حياة ناعمة ، في جنّة عالية ، ثمارها قريبة التناول ، ويقول لهم ربّهم جل ثناؤه : كلوا وتمتّعوا جزاء عملكم السابق ، وطاعتكم لربكم.
[الآيات ٢٥ ـ ٢٩] : تصف حسرة المشرك ، وبؤسه ويأسه ، فهو يتمنّى أنّه لم يأت للموقف ، ولم يؤت كتابه ، ولم يدر ما حسابه ، كما يتمنّى أن لو كانت هذه القارعة هي القاضية ، التي تنهي وجوده أصلا ، فلا يعود بعدها شيئا.
ثمّ يتحسّر أن لا شيء نافعه مما كان يعتز به أو يجمعه ، فلا المال أغنى أو نفع ، ولا السلطان بقي أو دفع ، والرّنّة الحزينة الحسيرة المديدة في طرف الفاصلة الساكنة ، وفي ياء العلة بعد المد بالألف ، في تحزّن وتحسّر ، تشعر بالحسرة والأسى والحزن العميق.
[في الآيات ٣٠ ـ ٣٢] : يقال لملائكة العذاب خذوه إلى جهنّم ، فيبتدره سبعون ألف ملك ، كلّهم يبادر إلى جعل الغلّ في عنقه ، ويتقدّم