نستطرد هنا فنقول إن هناك بعض الآثار في أوليته وكيفيته. فهناك حديث يرويه الطبراني عن ابن عمر جاء فيه : «إنّ النبي صلىاللهعليهوسلم لما أسري به إلى السماء أوحي إليه بالأذان» (١). وقال الطبراني إن من رواة هذا الحديث طلحة بن زيد الذي ينسب إليه الوضع ، وكونه موضوعا واردا لأن مقتضاه أن يكون الأذان مكّيا وهو ما لا يعقل لأن المسلمين كانوا في مكة ضعفاء وفي قلة ويجتمعون للصلاة سرّا. وفي طبقات ابن سعد روايات عن الزهري عن سعيد بن المسيب وفي موطأ مالك حديث عن يحيى بن سعيد. ويستفاد منهما أنه كان ينادي منادي النبي الصلاة جامعة فيجتمع الناس فلما صرفت القبلة نحو الكعبة أمر بالأذان ، وهذا يفيد أنه كان في العهد المدني وهو الأوجه الأرجح. ومما ذكرته الروايات أن النبي قد أهمّه هذا الأمر فاقترح بعضهم الضرب بخشبتين وبعضهم الضرب بالبوق وبعضهم الضرب بناقوس. فبينما هم على ذلك رأى عبد الله بن زيد الخزرجي في منامه رجلا مرّ وعليه ثوبان خضراوان وفي يده ناقوس فسأله أن يبيعه له فقال له ماذا تريد به فقال لجمع الناس للصلاة فقال له أنا أحدثك بخير من ذلك تقولون الله أكبر. أشهد أن لا إله إلّا الله. أشهد أن محمدا رسول الله. حي على الصلاة ، حي على الفلاح. الله أكبر. الله أكبر. لا إله إلّا الله. فلما أفاق أتى النبي صلىاللهعليهوسلم فأخبره فقال له قم مع بلال فالق عليه ما قيل لك وليؤذن بذلك ففعل. وجاء عمر فقال رأيت مثل الذي رأى فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم فلله الحمد فذلك أثبت. وفي رواية أن مما ألقي عليهما جملة (الصلاة خير من النوم) لأذان الصبح) (٢).
ومهما يكن من أمر فإن هناك حديثا رواه مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي عن أبي محذورة أن النبي صلىاللهعليهوسلم علّمه الأذان والإقامة. وصيغة الأذان هي : الله أكبر. الله أكبر. الله أكبر. الله أكبر. زاد في رواية ترفع صوتك فيها ثم تقول : أشهد أن لا إله إلّا الله. أشهد أن لا إله إلّا الله. أشهد أن محمدا رسول الله. أشهد أن محمدا رسول الله. زاد في رواية تخفض بها صوتك ثم ترفع صوتك بالشهادة : أشهد أن لا
__________________
(١) مجمع الزوائد ج ١ ص ٣٢٩.
(٢) انظر موطأ مالك ج ١ ص ٣٦ ، وطبقات ابن سعد ج ٢ ص ١١ و ١٢.