قائمة الکتاب

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

الموسوعة القرآنيّة خصائص السور [ ج ٢ ]

الموسوعة القرآنيّة خصائص السور [ ج ٢ ]

268/290
*

كل واحد منهما عام أريد به الخاص ، فالكتابة للبعض وهم المطيعون ، والتحريم على البعض وهم العاصون. الثالث أن التحريم موقت بأربعين سنة والكتابة غير موقّتة ، فيكون المعنى أن بعد مضي الأربعين يكون لهم. وهذا الجواب تام على قول من نصب الأربعين بمحرمة وجعلها ظرفا. فأما من جعل الأربعين ظرفا لقوله تعالى (يتيهون) مقدما عليه ، فإنه جعل التحريم مؤبدا فلا يتأتى على قوله هذا الجواب ، لأن التقدير عنده : فإنها محرمة عليهم أبدا يتيهون في الأرض أربعين سنة ، وهو موضع قد اختلف فيه المفسرون والقراء من جملة من جوز نصب الأربعين بمحرمة ويتيهون ، والزجاج من جملة من منع جواز نصبه بمحرمة ، ونقل أن التحريم كان مؤبدا ، وأنهم لم يدخلوها بعد الأربعين ، ونقل غيره أنه دخلها بعد الأربعين من بقي منهم وذرية من مات منهم ، ويعضد الوجه الأول كون الغالب في الاستعمال تقدم الفعل على الظرف الذي هو عدد ، لا تأخّره عنه ، يقال : سافر زيد أربعين يوما وما أشبه ذلك ، وقلّما يقال على العكس.

فإن قيل : لم قال تعالى : (إِذْ قَرَّبا قُرْباناً) [الآية ٢٧] ، ولم يقل قربانين لأن كل واحد منهما قرب قربانا؟

قلنا : أراد به الجنس فعبر عنه بلفظ الفرد كقوله تعالى (وَالْمَلَكُ عَلى أَرْجائِها) [الحاقة / ١٧]. الثاني : أن العرب تطلق الواحد وتريد الاثنين ، وعليه جاء قوله تعالى (عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمالِ قَعِيدٌ) (١٧) [ق] وقال الشاعر :

فإنّي وقيّار بها لغريب

تقديره : فإني بها لغريب وقيار. كذلك كما في قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا وَالنَّصارى وَالصَّابِئِينَ) [البقرة / ٦٢]. وقيل إنما أفرده لأن فعيلا يستوي فيه الواحد والمثنى والمجموع.

فإن قيل : أصلح قوله تعالى (إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ) (٢٧) جوابا لقوله (لَأَقْتُلَنَّكَ).

قلنا : لما كان الحسد لأخيه على تقبل قربانه هو الذي حمله على توعده بالقتل ، قال له ذلك كناية عن حقيقة الجواب وتعريضا ، معناه إنما أتيت من قبل نفسك لانسلاخها من لباس التقوى لا منّي فلم تقتلني؟