وقال (ثُمَّ أَنْتُمْ هؤُلاءِ) [الآية ٨٥] وفي موضع آخر (ها أَنْتُمْ هؤُلاءِ) [النساء : ١٠٩] كبعض ما ذكرنا ، وهو كثير في كلام العرب ، وردّد التنبيه توكيدا. وتقول : «ها أنا هذا» و «ها أنت هذا فتجعل «هذا» للذي يخاطب ، وتقول : «هذا أنت». وقد جاء أشدّ من ذا ، قال الله عزوجل (ما إِنَّ مَفاتِحَهُ لَتَنُوأُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ) [القصص : ٧٦] والعصبة هي تنوء بالمفاتيح. قال (١) [وهو الشاهد السابع عشر بعد المائة من مجزوء الوافر] :
تنوء بها فتثقلها |
|
عجيزتها. |
يريد : «تنوء بعجيزتها ، أي : لا تقوم إلّا جهدا بعد جهد» قال الشاعر (٢) [من البسيط وهو الشاهد الثامن عشر بعد المائة] :
مثل القنافذ هدّاجون قد بلغت |
|
نجران أو بلغت سوآتهم هجر (٣) |
وهو يريد أن السنوات بلغت هجرا ، و «هجر» رفع لأنّ القصيدة مرفوعة ومثل ذا قول الشاعر (٤) [من الطويل وهو الشاهد التاسع عشر بعد المائة] :
وتلحق خيل لا هوادة بينها |
|
وتشقى الرّماح بالضّياطرة الحمر (٥) |
والضياطرة ، هم يشقون بالرماح.
و «الضياطرة» هم العظام وواحدهم «ضيطار» مثل «بيطار» ومثل قول الشاعر (٦) [من الطويل وهو الشاهد العشرون بعد المائة] :
لقد خفت حتّى ما تزيد مخافتي |
|
على وعل بذي الفقارة عاقل (٧) |
__________________
(١). في الأصل رسم القول ، بحيث يشير ضمنا إلى أنه شعر ولم تفد المراجع والمصادر شيئا فيه ، إنما ورد في مجاز القرآن ٢ : ١١٠ ، بحيث لا يميّزه من النثر مائز مّا ، وسيعود الأخفش إلى الاستشهاد بهذا النص فيما بعد.
(٢). هو الأخطل غياث بن غوث التغلبي. ديوانه ١١٠ ، ومجاز القرآن ٢ : ٣٩ ، والكامل ١ : ٣٢٢.
(٣). في الديوان ب «على العيارات» بدل «مثل القنافذ» و «حدثت» بدل «بلغت» ، وفي الكامل «نجران» ، والمغني ٢ : ٦٩٩ كذلك.
(٤). هو خداش بن زهير. الكامل ٢ : ٤٠٦ ، والصحاح «ضطر» واللسان «ضطر».
(٥). البيت فيما سبق من المظان ، وفي مجاز القرآن ٢ : ١١٠ ، والصاحبي ٢٠٣ ، والمقاييس ٢ : ١٠٢ ، والمخصص ٢ : ٧٧ ، وأضداد اللغوي ٧٢٢ ب «تركيب» بدل تلحق ، واللسان ب «نركب خيلا» وفي مجاز القرآن ب «تركب».
(٦). هو النابغة الذبياني. ديوانه ٦٨ ، ومجاز القرآن ١ : ٦٥ و ١٣٩.
(٧). في الأصل عافل بالفاء الموحدة ، وفي الديوان ب «وقد» و «ذي المطارة عاقل» والبيت في مجاز القرآن ١ : ٦٥ ـ