ناراً) [الآية ١٧] فهو في معنى «أو قد» ، مثل قوله «فلم يستجبه» أي «فلم يجبه» وقال الشاعر (١) [من الطويل وهو الشاهد السابع والعشرون] :
وداع دعا يا من يجيب الى النّدى |
|
فلم يستجبه عند ذاك مجيب |
أي : «فلم يجبه».
قال تعالى (وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُماتٍ لا يُبْصِرُونَ) (١٧) فكان (الذي) بمعنى جميعا فقال (وَتَرَكَهُمْ) لأن «الذي» في معنى الجميع ، كما يكون «الإنسان» في معنى «الناس».
وقال تعالى (وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُماتٍ لا يُبْصِرُونَ) (١٧) (صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَرْجِعُونَ) (١٨) فرفع على تأويل : «هم صمّ بكم عمي» رفعه على الابتداء ولو كان على أوّل الكلام لكان النصب فيه حسنا.
وأما (حَوْلَهُ) [الآية ١٧] فانتصب على الظرف ، وذلك أنّ الظرف منصوب. والظرف هو ما يكون فيه الشيء ، كما قال الشاعر (٢) [من الكامل وهو الشاهد الثامن والعشرون] :
هذا النهار بدا لها من همّها |
|
ما بالها بالليل زال زوالها |
نصب «النهار» على الظرف وإن شاء رفعه وأضمر فيه. وأما «زوالها» فإنه كأنه قال : «أزال الله الليل زوالها».
وأما (يَكادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصارَهُمْ) [الآية ٢٠] فمنهم من قرأ (يخطف) (٣) من «خطف» ، وهي قليلة رديئة لا تكاد تعرف (٤). وقد رواها يونس (يخطّف) (٥) بكسر الخاء لاجتماع
__________________
(١). هو سعد بن كعب الغنويّ. والبيت في الأصمعيّات ٩٦ ، وفي المجاز ١ : ٦٧ و ١١٢ و ٢٤٥ و ٣٢٦ ، والصّحاح «جوب» ، والعجز في أدب الكاتب ٤١٩.
(٢). هو الأعشى ميمون ، وهو في الصبح المنير ٢٢ يضم زوالها ، واللسان «زول».
(٣). في الشواذ ٣ نسبت إلى ابن مالك ومجاهد. وفي المحتسب ٦٢ إلى مجاهد والحسن. وفي الجامع ١ : ٢٢٢ إلى يونس وعلي بن الحسين ويحيى بن وثاب وفي البحر ١ : ٨٩ إلى مجاهد وعلي بن الحسين ويحيى بن زيد.
(٤). في الصحاح «خطف» بعبارة مقاربة ونقلها الجامع ١ : ٢٢٢.
(٥). في معاني القرآن ١ : ١٧ بلا نسبة ، وفي الشواذ ٣ ، والمحتسب ٥٩ ، كذلك وفي الجامع ١ : ٢٢٢ إلى الحسن ، وقتادة ، وعاصم الجحدري ، وأبي رجاء العطاردي.