وفضلكم في الناس وشرفكم عليهم ودينكم الذي تعبدون ، فجئت لأكسره. وأصيبت لك مائتا بعير فسألتك عن حاجتك فكلّمتني في إبلك ولم تطلب إليّ في بيتكم؟ فقال عبد المطلب (ع) : أيها الملك ، أنا أكلّمك في مالي ، ولهذا البيت ربّ هو يمنعه ، لست أنا منه في شيء. فارتاع لذلك أبرهة وأمر بردّ الإبل لعبد المطلب وبات ليلة كالحة كلها هواجس ووساوس. وكذلك قضاها جيشه. ثم أصبحوا فبعثوا فيلهم ليتوجّهوا نحو الكعبة لهدمها ، فربض. فضربوه فتمرّغ. وما زالوا به حتى وجّهوه نحو اليمن فانبعث وقام متجها نحوها مهرولا. فحاولوا أن يعطفوه نحو مكة فربض على الأرض من جديد. ولم يزالوا يعالجونه هكذا إلى أن طلعت الشمس ، فطلعت عليهم طير معها حجارة من سجّيل فجعلت ترميهم بها. وكان كل طائر منها يحمل في منقاره حجرا ، وفي رجليه حجرين ، لا يقع حجر منها عن بطن إلّا خرقه ، ولا عظم إلّا ثقبه ، فقضي على الجيش بكامله ، وولّى أبرهة هاربا نحو اليمن فأصابه حجر فكان كلما مشى مسافة انقطع شيء من أوصاله وتناثر شيء من لحمه ، حتى إذا انتهى إلى اليمن تصوّع صدره ، وانشقّ بطنه فهلك. وكان عبد المطّلب سلام الله عليه قد طاف بالبيت ووقف يرتجز :
يا ربّ لا أرجو لهم سواكا |
|
يا ربّ فامنع منهم حماكا |
إنّ عدوّ البيت من عاداكا |
|
إنّهم لم يقهروا قواكا |
وروى العياشي بإسناده عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله الصادق عليهالسلام ، قال : أرسل الله على أصحاب الفيل طيرا مثل الخطاف ونحوه ، في منقاره حجر مثل العدسة ، فكان يحاذي برأس الرجل فيرميه بالحجارة فيخرج من دبره ، فلم تزل بهم حتى أتت عليهم ، قال : فأفلت رجل منهم فجعل يخبر الناس بالقصة. فبينا هو يخبرهم إذ أبصر طيرا فقال : هذا هو منها. قال : فحاذى فطرحه على رأسه فخرج من دبره.
أجل .. ألم تر يا محمد ما فعلناه بأصحاب الفيل لمّا أرادوا هدم بيتنا