بين التكليفين فإذا قيد أحدهما بنفي الآخر يرجع إلى أن يقول افعل كذا إن لم أقل لك افعل ما يضاده ويزاحمه ، وبعبارة أخرى يرجع إلى أن يقول افعل إن كنت مريدا لفعله بأن لم ألزمك بغيره في وقته فكأنّه قال افعل إن قدرت أن أقول افعل وهذا غير معقول فلا يقبل هذا التكليف من هذه الجهة إطلاقا ولا تقييدا.
وفيه : إنّ الوجه في عدم كونه من التقييد ما ذكرنا من أنّ التنجز ليس مستفادا من الإطلاق حتى يكون حكم العقل بعدمه من جهة العجز من التقييد وإلا فمع الإغماض عنه لا محذور فيه ، إذ يمكن تصوير (١) التقييد بدون ملاحظة التكليف الآخر بأن يقول افعل إن لم يكن هناك الضد الفلاني كأن يقول أنقذ الغريق إن لم يكن هناك حريق ؛ لأنّ ملاك التقييد وإن كان كون الضد مأمورا به ومجرّد المضادة مع عدم الأمر لا يكفي في المزاحمة الموجبة للتقييد إلا أنّه لا يعتبر لحاظ ذلك الأمر بل يكفي ملاحظة مجرّد المضادة والتقييد بعد وجود القيد ، بعد الأمر به.
وعلى فرض التسليم نقول لا محذور في لحاظ تكليف في تكليف (٢) آخر ، إذ لا مانع أن نقول (٣) افعل كذا إن لم يتعلّق بك أمر آخر بالأهم منه ، ولا يرجع إلى ما ذكره وعلى فرض رجوعه إليه أيضا لا محذور فيه ، إذ حاصله افعل كذا ما دام عقلك لا يأبى من هذا التكليف ، وما دمت قادرا على هذا التكليف بحسب عقلك فتدبّر.
فتحصّل أنّ التزاحم خارج عن التعارض من حيث إنّ شيئا من الدليلين لا يدلّ على نفي الحكم عن موضوع الآخر فلا يرد النفي والإثبات على موضوع واحد ، وممّا ذكرنا ظهر أنّ مسألة اجتماع الأمر والنهي ليست من باب التعارض ؛ أمّا على القول بالجواز فواضح ، وأمّا على القول بالمنع فلأنّها نظير باب التزاحم ، بل منه من حيث إنّ النهي التعييني زاحم الأمر التخييري ، وحيث إنّ الأول أولى بالتقديم فيحكم بالحرمة في مقام الفعليّة ، ولذا لو فرضنا عدم المندوحة من الطرفين بأن انحصر المكان في المغصوب ودار الأمر بين ترك الصلاة أو ارتكاب الغصب لا يرجع
__________________
(١) في نسخة (ب) : تصور.
(٢) هذه الكلمة «في تكليف» لا توجد في نسخة (ب).
(٣) في نسخة (ب) : أن يقول.