مشكوك مدفوع بالأصل كما قرّرنا (١) على تقدير السببيّة ، وهو لا ينافي القول بالطريقيّة ؛ لأنّ كونه طريقا إلى الواقع لا ينافي كونه سببا وموضوعا لجواز العمل بعد ملاحظة دليل التخيير ؛ فإنّه يكشف عن وجود المقتضي في كل منهما ، فإذا شك في كون الأرجحيّة مانعة عن العمل بالمرجوح دفعاه بالأصل ، وليس هذا تمسكا بإطلاق دليل التخيير ، نعم هو مناف لما قرّرناه سابقا من أنّ مقتضى الأصل ـ بناء على الطريقيّة ـ الأخذ بالأرجح وأنّ في دوران الأمر بين التعيين والتخيير الأصل هو التعيين ، فيكون عدولا عمّا ذكرنا سابقا.
ثمّ قال : ويمكن أن يقال : إنّ أدلة التخيير مع قطع النظر عن إطلاقها إنّما تكشف عن وجود المقتضي في كل من المتعارضين في الجملة ، والقدر المتيقن صورة التساوي وعدم الرجحان ، فيحتمل عدم وجود المقتضي في المرجوح أصلا فلا يمكن أن يتمسك بأصالة عدم المانع ، وهو رجحان الراجح ، فالأصح ما اخترنا سابقا وأنّ قلب الاستدلال قلب فاسد.
وثانيا : بأنّ أصالة عدم المانع أصل مثبت ؛ لأنّ المانع عقلي فلا يترتب عليه موضوع الراجح (٢) حتى يعمل بالقاعدة ، اللهم إلا أن يدعى (٣) كون اعتبارها من باب الظن لا من باب التعبّد كما هو المختار ، فلا ضير في الاعتماد عليها في إثبات وجوب العمل بالراجح (٤) ، انتهى.
أقول : التحقيق في الجواب عن السؤال المذكور بعد كون معنى الطريقيّة على ما ذكرنا سابقا أنّ الشارع أمر بالعمل بها على أنّها مرآة للواقع لا أنّها (٥) موضوع من الموضوعات ؛ لأنّ الشارع لاحظ طريقيّتها وكاشفيّتها عن الواقع فأمر بها لأجل تعلّق
__________________
(١) في نسخة (د) : كما مرّ.
(٢) في (د) : الراجح والمرجوح.
(٣) في نسخة (د) : إلا أن يقال بدعوى كون اعتبارها ...
(٤) جاء بعدها في نسخة (د) : فالأولى الاقتصار على الجواب الأول أعني منع الرجحان مقتضيا لإيجاب العمل بالراجح ...
(٥) في نسخة (د) : لا على أنّها ...