الخبر لا يكفي بعد عدم الحكم بكونه من كلام الإمام عليهالسلام.
وبالجملة اللازم في المقام من قبيل اللازم للمخبر به ، لا أنّه لازم مخبر به مستقلا ، فالأخذ به فرع الأخذ بالمخبر به ، وفرق واضح بين أن يقول واحد منهما إنّه ليس بمباح بل واجب ، وقال الآخر ليس بمباح بل حرام ، وبين أن يقول أحدهما إنّه واجب ، والآخر إنّه حرام ، ففي الثاني لا يحكم بنفي الإباحة إلا بعد ثبوت أحد الحكمين ، وفي الأول يؤخذ بما اتفقا عليه دون ما اختلفا فيه (١) ، ولا يعدّ من التفكيك بين المطابقي والالتزامي ، هذا وعلى فرض صحة ما ذكره فلا فرق بين الأصول والأمارات ، إذ يرد على ما ذكر من الوجه الأول للفرق : أنّ الأصل العملي وإن لم يكن له لسان نفي بالنسبة إلى الواقع ، إلا أنّه يدل على نفي الحكم العملي المغاير له ، فلا بدّ من عدم الرجوع إلى أصل آخر عملي مخالف للأصلين ؛ فإذا توارد الوجوب والحرمة على شيء واحد ، ولم يعلم المتقدم منهما فالأصل بقاء كل منهما ويتعارضان ويرجع إلى أصل الإباحة ، لا مع العلم بأحد الحكمين ، ولازم ما ذكره من البيان في الدليلين عدم الرجوع إليه.
وتوضيح ما ذكرنا من أنّ الأصل العملي يدل على نفي حكم مغاير لمفاده : أنّه لولاه لم يكن الأصلان متعارضين ، فلو لم تدلّ أصالة بقاء الوجوب على عدم سائر الأحكام بحسب العمل ؛ لا تكون منافية لأصالة بقاء الحرمة مثلا ، وإن شئت صريح الحقّ أقول : لا فرق في تضاد الأحكام بين واقعيّاتها وظاهريّاتها ، فكما أنّ إثبات أحدها بحسب الواقع ينفي البقيّة ، فكذا إثباته بحسب الظاهر ، وهذا في غاية الوضوح.
ويرد على ما ذكر من الوجه الثاني :
أولا : أنّ نفي الثالث في الحقيقة ليس من اللوازم المنفكّة ؛ بل هو عين إثبات كل من الحكمين ، فلا يكون من الأصل المثبت (٢) ؛ وذلك لأنّ الوجوب الظاهري عين
__________________
(١) فما اتفقا عليه هو نفي الإباحة ؛ لأنّه مدلول مطابقي ، وما اختلفا فيه هو القول بالوجوب أو الحرمة.
(٢) لعل مراده من ادعاء العينيّة بين المدلولين هو تقريب أنّ اللزوم من الوسائط الخفيّة التي لا ـ يلتفت لها العرف فيكون الأصل المثبت بها حجّة ، ويظهر هذا من دعوى أنّ نفي الوجوب الظاهري عين إثبات الإباحة الظاهريّة ، وإلا لزم اثنينية كل حكم فتكون الأحكام عشرة لا خمسة ، فافهم!