المزبور ـ إنّما صدر إلزاما على القائلين بدلالة الآية على وجوب تصديق العادل ، فلا وقع لهذا الجواب من أصله أنّه لا محصّل له ، لأنّه إن ثبت حجّية ما هو مظنون الاعتبار بدليل قطعيّ ، فيكون كظاهر الكتاب من الظنون المعتبرة ، وإلّا فلا يجوز الأخذ به ، سواء عارضه ظاهر الكتاب أم لا.
قوله قدسسره : وقد يشكل الأمر بأنّ ما يحكيه الشيخ عن المفيد قدسسره ... الخ (١).
أقول : محصّل الإشكال انّه إذا قال الشيخ «قال المفيد هذا المائع خمر» مثلا ، يكون مجموع هذا الكلام مقولا للشيخ ، فهو مصداق خاص خارجي للحكم بوجوب التصديق ، فإذا عمّه هذا الحكم ثبت به مضمونه ، وهو صدور قول «هذا خمر» من المفيد ، فيمتنع أن يندرج ما ثبت بهذا الحكم في موضوعه ، فانّ ما هو من لواحق هذا الحكم يمتنع أن يصير معروضا له.
وملخّص دفعه : إنّ المفيد هو في حدّ ذاته رجل عادل يجب تصديق خبره بحكم الآية ، سواء أخبر به الشيخ أم لا ، ولكن لا يتنجّز التكليف به إلّا بعد ثبوته بأيّ طريق يكون ، فإذا كان الشيخ عادلا يكون خبره طريقا لإثبات خبر المفيد الذي حكمه وجوب التصديق ، فلا يتوقّف خبرية خبر المفيد ـ الذي حكمه وجوب التصديق ـ على إخبار الشيخ به ، بل على صدوره من المفيد ، كسائر الأخبار الصادرة منه الثابتة بغير هذا الطريق ، كما أنّ قول الشيخ أخبرني المفيد بهذا ، ليس إلّا كسائر الأقوال الصادرة منه ، التي هي مصاديق لهذا الحكم ، فقول الشيخ أخبرني المفيد بكذا مصداق من مصاديق الخبر الذي يجب تصديقه ، وما ثبت به ـ وهو قول المفيد ـ مصداق آخر وقع هذا الكلام حكاية عنه ، ولا محذور فيه.
__________________
(١) فرائد الأصول : ص ٧٥ سطر ١٠ ، ١ / ٢٦٧.