وذهب آخرون إلى أن الأصل فيه الفسق استنادا إلى أن الأصل التكليف واشتغال الذمة بالعبادات والتكاليف الشرعية ، والأصل عدم خروجه عن عهدتها حتى يعلم قيامه بها (١). وهذا مناسب للقول الأول ، ولكنّه بمحل من الضعف ؛ لاستفاضة الأخبار بحسن الظن بالمؤمن (٢) وحمل أفعاله على الصحة (٣).
والتحقيق في المسألة هو القول بالتوقف حتى يعلم أحد الأمرين ، وهذا هو الأنسب بالقول الثالث من معاني العدالة كما لا يخفى.
المقام الثاني : الاكتفاء بالإسلام في العدالة
اعلم أنّي لم أقف على من نصر القول بالإسلام وأيده وشيّده زيادة على شيخنا الشهيد الثاني ومن تبعه ، ولا بدّ من تحقيق الحق فيه في هذا المقام ، ونقل ما يتعلّق به من الأخبار الواردة عنهم عليهالسلام ، وكلام علمائنا الأعلام.
قال شيخنا المشار إليه في كتاب (المسالك) : (إذا شهد عند الحاكم شهود ؛ فإن عرف فسقهم فلا خلاف في ردّ شهادتهم من غير احتياج إلى بحث ، وإن عرف عدالتهم قبل شهادتهم فلا حاجة إلى التعديل ، وإن لم يعرف حالهم في الفسق والعدالة ؛ فإن لم يعرف إسلامهم وجب البحث أيضا ـ وهذا كله ممّا لا خلاف فيه ـ وإن عرف إسلامهم ، ولم يعرف شيئا آخر من جرح ولا تعديل فهذا ممّا اختلف فيه الأصحاب ، فالمشهور بينهم ـ خصوصا المتأخّرين منهم ـ أنه يجب البحث عن عدالتهم ، ولا يكفي الاعتماد على ظاهر الإسلام).
ثمّ أورد الآية (٤) دليلا لهم ، ورواية ابن أبي يعفور بطريق الشيخ في
__________________
(١) منية الممارسين : ٣٢٧.
(٢) بحار الأنوار ٧٢ : ١٩٦ ـ ١٩٩ / ١١ ـ ١٢ ، ١٤ ، ٢١.
(٣) الكافي ٢ : ٣٦٢ / ٣ ، باب التهمة وسوء الظن.
(٤) البقرة : ٢٨٢ ، الطلاق : ٢.