أبدا ، إذ لا يحصل للمأخوذ بعد الأخذ مزية على الاخرى حتى يتعيّن عليه الأخذ به (١).
قوله : نعم لو كان الحكم بالتخيير في المقام من باب تزاحم الواجبين كان الأقوى استمراره (٢).
لو كان التخيير من باب تزاحم الواجبين لم يعقل فيه سوى التخيير الاستمراري ، لأنه يصير من قبيل التخيير بين الخصال بعينه ، وكدا لو قلنا بالتخيير العملي بالمعنى السابق لا معنى لاحتمال كونه بدويا ، كما أنه لو قلنا بالأخذي وقلنا إنّ المفتي يفتي بالتخيير لا معنى لأن يكون بدويا وليس هناك شيء يعدل إليه ويفتى به ، نعم يتصوّر التخيير البدوي والاستمراري بالنسبة إلى أخذ المقلّد فإمّا أن يفتي المفتي للمقلّد بالتخيير البدويّ ، وإمّا أن يفتي له بالتخيير الاستمراري ، فإن أفتى بالتخيير البدوي لا يجوز للمقلّد العدول عمّا اختاره ، وإن أفتى بالتخيير الاستمراري فله العدول ، لكن كلامنا الآن فيما يفتي به المفتي لا فيما يعمل به المقلّد ، ولذا عنون في المتن مسألة البدوية والاستمرارية مبنيا على القول بأنّ المفتي يفتي بما اختار في ظاهر كلامه أو صريحه فراجع.
__________________
(١) أقول : الإنصاف أنّ ما ذكره المصنف قريب ، لأنّ مقتضى عدم جواز طرح كليهما ليس أزيد من عدم الخروج عنهما الصادق على التخيير البدوي والاستمراري ، نعم يرد عليه أنّ ما يظهر منه هنا من جواز أن يكون حكم العقل مجملا مردّدا بين التخيير البدوي والاستمراري ينافي ما حققه في غير موضع من هذا الكتاب وغيره من إنكار ذلك ، وأنّ العقل لا يمكن أن يحكم إلّا بالحكم التفصيلي ، إذ لا يحكم إلّا بعد إحراز موضوعه لجميع الجهات والخصوصيات التي لها دخل في الحكم وإلّا فلا يحكم بشيء.
(٢) فرائد الاصول ٤ : ٤٤.