نائبا عنهم في الاستنباط.
ثم إنّ الدليل المذكور مبني أيضا على جواز التقليد للمقلّد في المسائل الاصولية كالمسائل الفرعية ، وهو في محل المنع ، لأنّ دليله ليس إلّا الإجماع والسيرة على ما هو المعتمد عندنا ، والقدر المتيقن من موردهما هو الأحكام الفرعية ويبقى الباقي تحت أصالة عدم الجواز.
فإن قلت : حجية قول أهل الخبرة ممّا لا كلام فيه ولذا يعتمد الفقيه على قول أهل اللغة وعلماء العربية والرجال ونحوها فيما يتعلّق بصناعتهم وفنّهم ، ولا ريب أنّ الفقيه أهل خبرة المسائل الاصولية فينبغي جواز الرجوع إليه في ذلك ، ويتفرّع على ذلك جواز التقليد في جميع مباني المسائل الفرعية للمقلّد واستنتاج الفرعيات بنفسه من غير أن يقلّده فيها ، أو التقليد في بعضها وتحصيل العلم وجدانا ببعضها الآخر لو أمكن أو اجتهادا ثم الاستنتاج.
قلت : حجية قول أهل الخبرة مسلّمة في الامور المحسوسة لا الحدسيات سيّما أمثال ما نحن فيه من المطالب الغامضة التي يعمل فيها جهات من الحدس ، وأمّا التفريع المذكور فإن قلّد في جميع مباني المسألة فإنه راجع إلى التقليد في المسألة الفرعية حقيقة ولا كلام فيه ، وأمّا التقليد في البعض والاجتهاد في البعض فهذا لا يجوز لما عرفت من عدم الدليل عليه ، فيجب عليه التقليد في الفروع لقيام الدليل على جوازه وإن كان رأيه مخالفا لرأي مجتهده في بعض المباني ، نعم لو علم بفساد بعض مباني ما أفتى به الفقيه بالعلم الوجداني فالرجوع إليه مشكل ، كما أنه لو علم بأنّ فتواه مخالف للواقع لا يجوز تقليده كما هو واضح.
ثم لا يخفى أنه يستفاد من المتن هنا أنّ المراد من التخيير في المقام هو التخيير في الأخذ ويستفاد منه في مباحث البراءة أنّ المراد منه هو التخيير في العمل بيان ذلك :