ويقدح فيه الغفلة فلا وجه لاعتبار العلم بالحكم في ثبوت الحكم ، لما عرفت من أنّه لا يتوقّف ثبوت الحكم إلّا على تحقّق موضوعه ، فلو فرض تحقّقه فلا يترقّب في ترتّب الحكم لشيء آخر كما هو كذلك في الأحكام الواقعية ، والعجب أنّه جعل الأمارات المجعولة طريقا إلى الواقع أيضا من هذا القبيل ، وهو غريب فإنّ من لا يعلم بحجّية خبر الواحد إذا عمل على طبقه اتّفاقا ثمّ علم بها ليس إلّا كمن عمل ثمّ علم وجدانا أنّه مطابق للواقع ، إذ كلّ منهما طريق إلى الواقع ولا يتفاوت في ذلك كونه طريقا مجعولا أو منجعلا ، وتخلّف الطريق عن الواقع أحيانا مشترك بينهما فإنّ القطع أيضا قد يتخلّف عن الواقع. وبالجملة مؤدّى الطرق المجعولة أحكام مجعولة بجعل الطرق أصابها من أصابها علم بها أو لم يعلم ، ومن ذلك ما إذا كان عمل المقلّد مطابقا لرأي مجتهده في الواقع اتّفاقا ولم يعلم به ثمّ علم بعد العمل فإنّه صحيح من حين وقوعه لا أنّه بعد علمه يحدث فيه الحكم بالصحّة ، ولذا نقول لو لم يعلم بالمطابقة ومات على حاله يحكم بصحّته.
وأمّا ثالثا : فإنّ قوله إنّ قاعدة الفراغ لا تعمّ ما إذا سبقه الالتفات والشكّ وإن غفل حين العمل بل تختصّ بما إذا حدث بعده ، مدخول بأن وجه اختصاص القاعدة بغير ما إذا سبقه الشكّ أنّ الشكّ السابق يتحقّق به موضوع استصحاب الحدث ويؤثّر في بطلان العمل من حين وقوعه فلا يبقى محل لقاعدة الفراغ ، وأمّا إذا فرض أنّ الشكّ السابق لا حكم له بالنسبة إلى العمل لطريان الغفلة فلا وجه للاختصاص المذكور مع إطلاق دليل القاعدة ، ودعوى انصرافه إلى ما كان أوّل زمان حدوث الشكّ بعد الفراغ ممنوعة.
فإن قلت : وجه الاختصاص ما ورد في بعض جزئيات مورد القاعدة من قوله (عليهالسلام) في من شكّ في الوضوء بعد ما فرغ : «هو حين يتوضّأ اذكر منه