ثم إنّ الحاكم قد يكون بنفسه ناظرا إلى المحكوم كأدلة الحرج بالنسبة إلى أدلة الأحكام ، وقد يكون ناظرا أو حاكما عليه بملاحظة دليل اعتباره كما في الأدلة الاجتهادية بالنسبة إلى الاصول العملية فإنّ حكومتها عليها بملاحظة وجوب تصديق العادل مثلا أو غيره من أدلة حجية تلك الأدلة على ما قرره المصنف (رحمهالله) في وجه الحكومة فإنه لو لم يلاحظ لسان دليل حجيتها بهذا النحو الخاص لم يكن حكومة وكان من باب التعارض.
ثم لا فرق في تقديم الدليل الحاكم بين أن يكون منافيا للدليل المحكوم بحيث لو لم يقدّم الحاكم كان معارضا للمحكوم كأكثر الأمثلة المتقدمة ، أو لم يكن منافيا كما في تقديم الاصول الموضوعية الموافقة للحكمية عليها فإنّ الاصول الحكمية ساقطة ما دامت الاصول الموضوعية موجودة موافقة أو مخالفة على ما هو التحقيق عند المصنف وجمع آخر ، وكذا الأدلة الاجتهادية بالنسبة إلى الاصول الموافقة.
ثم لا فرق أيضا بين أن يكون الحاكم والمحكوم كلاهما من الأدلة الاجتهادية كأدلة الحرج بالنسبة إلى أدلة التكاليف أو كلاهما من الاصول كالأصل الموضوعي والحكمي ، أو يكون الحاكم من الأدلة والمحكوم من الاصول كما مر في حكومة الأدلة على الاصول أو العكس كحكومة استصحاب الطهارة على قوله (عليهالسلام) «لا صلاة إلّا بطهور» بناء على القول بأنّ الأمر الظاهري مقتض للاجزاء ولو مع كشف الخلاف ، وأمّا على القول بعدم الاجزاء فيكون الاستصحاب حاكما على قاعدة الاشتغال المقتضية لاحراز الطهارة بالعلم بها لا على قوله (عليهالسلام) «لا صلاة» ، ولذا يجب الاعادة بعد كشف الخلاف ، وكحكومة قاعدة الفراغ بناء على كونها من الاصول على الاستصحاب بناء على كونه من الأمارات ، وكحكومة الاصول الموضوعية الجارية في موضوعات