حال فعل المكلّف فالمسألة فقهية وإن كان فائدتها بل موضوعها أعمّ من ذلك ، ولو كان الغرض معرفة حال الدليل فالمسألة اصولية وإن كان فائدتها أعمّ وهكذا ، فيمكن أن يجعل الاستصحاب مسألة فقهية بملاحظة أنّ غرضهم في البحث عنه استعلام الحكم الفرعي وحال فعل المكلّف ، ولا ينافي ذلك جريانه أحيانا في الموضوعات الخارجية وفي المسائل الاصولية والكلامية ، ولعلّ ثاني الوجهين أقرب ، ألا ترى أنّ جلّ المسائل الاصولية كمباحث الأوامر والنواهي والعام والخاصّ والمطلق والمقيّد والمجمل والمبيّن ونحوها لا تنحصر فائدته في معرفة أحوال أدلّة الفقه بل يعمّ سائر الألفاظ ، سواء كان من الشارع في غير مقام بيان الحكم الفرعي كما في الخطب والمواعظ والقصص والحكايات الواردة عن المعصومين (عليهمالسلام) أو كان اللفظ من سائر الناس غير المعصوم (عليهالسلام) ، مثلا كون الأمر للوجوب والنهي للحرمة والأمر عقيب الحظر للاباحة وهكذا مسائل متعرّضة لحال الأمر والنهي مطلقا ، سواء كان ذلك الأمر والنهي واردين لاثبات الحكم الشرعي أم لا ، ومع ذلك تعدّ هذه المسائل من الاصول ، وليس إلّا لأجل أنّ الغرض من البحث عنها معرفة حال أدلّة الفقه وقد مهّدت لذلك ، وهو موافق لتعريف الاصول بالعلم بالقواعد الممهّدة لاستنباط الأحكام الشرعية الفرعية الخ ، هذا.
وقد بقي هنا شيء وهو أنّ جميع ما ذكرنا مبني على كون الاستصحاب عبارة عن إبقاء ما كان بمعنى ابقاء المتيقّن في السابق على ما هو من مذاق المصنّف بل المشهور ، وأمّا بناء على المختار الذي أشرنا إليه غير مرّة وسيأتي في محلّه مفصّلا إن شاء الله تعالى من كون الاستصحاب عبارة عن إبقاء اليقين السابق كما هو ظاهر أخباره لكن تنزيلا ، فيمكن بل يتعيّن أن يكون الاستصحاب من المسائل الاصولية ، لأنّ مرجعه على هذا إلى أنّ اليقين السابق دليل تعبّدي على