على مقدار من الكلفة والضرر ، وعلى هذا فأصل التكليف بالزكاة والجهاد مشتمل على مقدار من الضرر لازم لماهيته ، ولا ينافيه حديث لا ضرر بالمعنى المذكور ، ولكن لو فرض في بعض أفراده ثبوت ضرر زائد على ذلك المقدار فينافيه حديث لا ضرر ، فإذن يكون حال الزكاة ونحوها حال غيرها من سائر عمومات التكاليف ومزاحمة لقاعدة الضرار. والجواب أنّ ذلك خلاف ظاهر الأخبار وخلاف موضوع لفظ الضرر ، فإنه موضوع عرفي صادق على مثل الخمس والزكاة والجهاد وغير صادق على مثل الصلاة والصوم.
ثم إنه قد ذكرنا سابقا في ذيل قاعدة الحرج في رسالة الظن أنّ تقديم الحاكم على المحكوم إنما هو فيما إذا كان الحاكم أقوى من حيث كونه ناظرا إلى المحكوم ، وبعبارة أخرى تكون دلالته على الشرح وتفسير المحكوم أقوى من دلالة المحكوم على خصوص الفرد الضرري وإلّا فلا فتذكّر ، وقد ذكرنا أيضا أنّ الحكومة تنقسم إلى حكومة قصدية وحكومة قهرية ، وحكومة الأدلة الاجتهادية على الأصول العملية من قبيل الثاني ، وزعمها المصنف من قبيل الأول ، بل يزعم انحصار الحكومة في القسم الأول ، وقد مرّ ما فيه غير مرّة فراجع ، ولكن الحكومة فيما نحن فيه من الحكومة القصدية كما لا يخفى سيّما بملاحظة النبوي (صلىاللهعليهوآله) المحكي عن التذكرة (١) من قوله (صلىاللهعليهوآله) «لا ضرر ولا ضرار في الإسلام» يعني أحكام الإسلام.
ثم اعلم أنه قد نلتزم بحكومة أخبار الضرار على ما كان دليله أخص مطلقا من أخبار الضرار لو كان ظاهرا بالنسبة إلى مدلوله لا نصّا ، مثل ما لو أمر الشارع مثلا بشيء ضرري في جميع أفراده ، والأمر ظاهر في الوجوب ، فنحمله
__________________
(١) تذكرة الفقهاء ١١ : ٦٨.