القيد واختفائه علينا وعدمه فلا يجري الدليل ، وبعبارة أخرى مقتضى الحكمة عند إرادة المقيد ذكر القيد لا وصوله إلى المكلف ، والقبيح ليس إلّا إرادة القيد من دون ذكره لا إرادة القيد وذكره مع عدم وصوله إلى المكلف من جهة ظلم الظالمين وإخفاء المخفين (لعنهم الله) كما هو كذلك فيما نحن فيه فإنا لم نعلم إلّا عدم وصول القيد إلينا فلا يمكن الحكم بالإطلاق ، نعم لو قلنا بأنّ إطلاق المطلقات من باب الظهور الوضعي على ما هو قول بعض كالعمومات يناسبه التمسك بأصالة عدم التقييد في الحكم بالإطلاق كما يتمسك بأصالة عدم التخصيص في العمومات في الحكم بالعموم ، ولو سلّم جريان أصالة عدم التقييد في كلي المسألة بوجه فلا نسلّم جريانها في مثل ما نحن فيه مما يكون المقيد موجودا لكنه مبتلى بالمعارض ، فإنّ الظهور النوعي أو التعبد العقلائي في مثله ممنوع أشدّ المنع ، واحتمال كونها حجة من باب التعبد الشرعي بأخبار الاستصحاب كما توهّم فاسد ، لأنّ حجية المطلقات ثابتة عند من لا يقول بشرع ولا يتديّن بدين.
ومنها : أنه يستفاد من كلامه بل من كلام غيره أيضا أنّ ظهور المطلق في الإطلاق شيء يقتضيه اللفظ ولو بدليل الحكمة ، وأصالة عدم التقييد مستندا إلى الظهور النوعي أو التعبد شيء آخر يتم به حجية المطلق وجواز العمل به وهو محلّ منع ، لأنا إذا راجعنا إلى حكم العقل والعقلاء نجد أنّ الحكم بالإطلاق لا يبتني على أمرين ظهور المطلق في الإطلاق وظهور أصل عدم القيد في عدم التقييد ، بل ليس هناك إلّا ظهور واحد وهو ظهور المطلق في الإطلاق وهو في قوة عدم الاعتناء باحتمال ورود القيد ، وذلك نظير بناء العقلاء على العمل بالظن فهو أمر واحد ، ولا يقال إنّ بناءهم على الظن شيء وبناءهم على طرح