قوله : والجواب عنه ما ذكرنا سابقا من أنّ الأمر بالاجتناب عن الشبهة إرشادي (١).
يمكن أن يجاب بوجهين آخرين : أحدهما أن يقال بأنّ أدلة البراءة أعني الأدلة النقلية منها حاكمة على هذه الأخبار ، لأنّ مدلول هذه الأخبار ردّ حكم الشبهة إلى الله ورسوله (صلىاللهعليهوآله) ولمّا رددنا حكمها إلى الله والرسول (صلىاللهعليهوآله) بيّن لنا في الكتاب والسنّة أن الحكم البراءة.
وفيه أوّلا : أنّ المراد بالرد إلى الله والرسول (صلىاللهعليهوآله) تحصيل الحكم الواقعي الخاص على العنوان الخاص كحلّية شرب التتن أو حرمته لا حكمه من حيث كونه مشتبها. وثانيا : أنّ هذا الوجه لا يتم في المقبولة لأنّه أمر فيها في الظاهر بطرح الخبر الشاذ وبترك الشبهة فكيف يرجع في مورده إلى أدلة البراءة ويقال إنها حكم الله ورسوله (صلىاللهعليهوآله).
وثانيهما : أن يقال إنّ المراد من قوله (صلىاللهعليهوآله) «من ترك الشبهات نجى من المحرمات ومن ارتكب الشبهات وقع في المحرمات وهلك من حيث لا يعلم» الترغيب إلى الاحتياط الندبي وبيان بعض حكمه وهو أنّ من ترك الشبهة واحتاط فيها لشدة اعتنائه بما يكرهه الله لا يرتكب المحرمات المعلومة ، ومن ارتكب الشبهة لعدم مبالاته في الدين هان عليه ارتكاب المحرمات المعلومة ويتجرّى على ارتكابها ولا يبالي ، فالأمر بالاحتياط وترك الشبهة مقدمة لحكم وجوب ترك المحرمات المعلومة وإرشاد إليه ، فمحصّل مضمون الروايات على هذا يصير موافقا لقوله (عليهالسلام) «والمعاصي حمى
__________________
(١) فرائد الأصول ٢ : ٨٤.