بلا بيان على التحقيق والمشهور حتى أنّ الماتن بنفسه قد اختار في أواخر أصل البراءة في مسألة معذورية الجاهل بأنّ قاعدة دفع الضرر إرشاد إلى التحرّز عن الضرر الواقعي على ما يستفاد من كلامه فراجع.
وأيضا قد صرّح هنا بعد سطرين أنّ مورد قاعدة دفع العقاب المحتمل هو ما ثبت العقاب فيه ببيان الشارع للتكليف ، فتردد المكلف به بين أمرين كما في الشبهة المحصورة وما يشبهها ، ومن المعلوم كما صرّح به هو بنفسه في الشبهة المحصورة أنه لو ارتكب أحد أطراف الشبهة المحصورة لم يفعل حراما لو لم يصادف الحرام الواقعي. نعم ربما يعدّ ذلك من أقسام التجرّي وما يدعى من حكم العقل بقبح ارتكاب المحتمل مطلقا لأجل ذلك أيضا ، والمصنف لا يقول بحرمته من هذه الجهة أيضا فلا يكون ارتكاب المحتمل من حيث هو كذلك حراما بوجه من الوجوه. نعم حكم ما احتمل فيه الضرر الدنيوي الحرمة مطلقا صادف الضرر أو لم يصادف ، لكنه شرعي لا عقلي بمعنى قيام الدليل الشرعي على أنّ موضوع الحرمة التعبديّة احتمال الضرر أو ظنّه ، فتأمل جيدا كي لا يلتبس الأمر.
وأما ثانيا : فلأنّه لو سلّمنا كون احتمال الضرر موضوعا لحكم العقل بحرمة المحتمل مطلقا كما أراده المصنف ، فإنّ ذلك أيضا وارد على قاعدة قبح العقاب بلا بيان ، لأنّه يكون بيانا للحكم الظاهري وأنه يترتّب العقاب على المشكوك مطلقا فكيف لا يصلح ذلك لوروده على قاعدة القبح ، وكيف يمكن الفتوى بجواز شرب التتن فعلا مع ثبوت هذه الحرمة الظاهرية له وترتب العقاب عليه بالفرض ، فقوله إنّ الحكم المذكور على تقدير ثبوته لا يكون بيانا للتكليف المجهول المعاقب عليه ، منظور فيه ، لأنّ عدم البيان الذي أخذ في موضوع حكم العقل لقبح العقاب أعم من البيان الظاهري ، ومن هنا يقال ونقول إنّه لو تم أدلة