الأمر بالإيمان بالله ورسوله أيضا أمر بالعمل الصّالح (وَاعْمَلُوا صالِحاً) والثاني : عكس الأول بمعنى أن الضّمير المستكنّ يرجع إلى الكلم الطيّب ، لأن العمل من غير الموحّد ليس بنافع ، فالتوحيد سبب لقبول الأعمال ومستلزم لإخلاص العمل. والثالث : أن المقدّر راجع إلى الله تعالى ، أي أن الله سبحانه يرفع الأعمال الصّالحة إليه ويجعلها في حيّز القبول. وعلى هذا الاحتمال الأخير يكون الكلام مستأنف غير راجع إلى ما قبله. يعني كما أن الكلم الطيّب يصعده إليه تعالى ، فكذلك العمل الصّالح يرفعه إليه ويقبله. وقيل هذه الجملة بيان لما يطلب به العزّة وهو التّوحيد والعمل الصالح. وفي الاحتجاج عن أمير المؤمنين عليهالسلام : من قال لا إله إلّا الله ، طمست ذنوبه كما يطمس الحرف الأسود من الرّق الأبيض ، فإذا قال ثانية لا إله إلّا الله مخلصا خرقت أبواب السّماء وصفون الملائكة حتى تقول الملائكة بعضها لبعض : اخشعوا لعظمة أمر الله ، فإذا قال ثالثة مخلصا لا إله إلّا الله لم تنته دون العرش ، فيقول الجليل : اسكتي فو عزّتي وجلالي لأغفرنّ لقائلك بما كان فيه. ثم تلا هذه الآية (إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ) يعني إذا كان عمله خالصا ارتفع قوله وكلامه (وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئاتِ) أي المكرات السّيئات بالنبيّ صلىاللهعليهوآله في دار النّدوة حيث كان يجتمع عتاة قريش وجبابرتها لتدبير المكائد لرسول الله صلىاللهعليهوآله ، وحيث تبنّوا أن يقوموا بواحدة من الأمور الثلاثة حبسه ، أو قتله ، أو إجلائه عن وطنه مكّة ، وهذا يشمل مكرات أصحاب السّقيفة فإنّ هذه مولّدة من تلك الندوة الخبيثة التي كانت ضد النبيّ (ص) وعقبتها ندوة ضد الوصي (ع) (لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ) جزاء مكرهم الذي (هُوَ يَبُورُ) أي يبطل ولا ينفذ ويفنى. ثم إنّه سبحانه بعد ما بيّن حال أهل الإيمان والكفر ، عاد إلى بيان دلائل التوحيد والدلائل مع كثرتها وعدم دخولها في عدد محصور وإن كانت على قسمين : (آفاقية وأنفسية) فلمّا ذكر سبحانه شطرا من الشواهد الآفاقية من السّماوات وما يرسل منها من الملائكة والرّياح والأمطار ، والأرض وما يولج فيها من المياه