السحاب إلا ماء وهواء ، وخروج النور وهو البرق ، والنّار وهو الصّاعقة من السّحاب الحامل للماء والهواء ، أمر عظيم وآية كبري تدلّ على اللطيف الخبير وقدرته الكاملة (وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّماءِ ماءً فَيُحْيِي بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها) عطف على قوله : يريكم ، أي : ومن آياته تنزيله الماء أي الغيث من سماء الأرض أي الفضاء المرتفع فوقها المنبسط عليها المحيط بها سواء قلنا بتكوّنه المياه في الفضاء وجذب السّحاب إياه ، أو قلنا بتكوّن الماء في الأرض وحمل السّحاب إياه من البحار وتصعّده به إلى الفضاء ونزوله منه بهذه الكيفية المشهودة بقدرته الكاملة. ونتيجة هذه الأمطار إحياء الأرض بإنباتها بعد موتها بجدبها ويبسها (إِنَّ فِي ذلِكَ) أي في هذه الآيات السّماوية الآفاقية (لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) شواهد ودلالات لرجال يستعملون عقولهم في الاجتهاد لمعرفة أسباب الحوادث وكيفية تكونها ليعرفوا كمال قدرة الصّانع وحكمته في كل حادثة.
٢٥ ـ (وَمِنْ آياتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّماءُ وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ ...) أي بلا دعامة تدعمهما ولا علاقة تتعلّق بهما بل بأمره سبحانه لهما بالقيام كقوله تعالى : (إِنَّما قَوْلُنا لِشَيْءٍ إِذا أَرَدْناهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ : كُنْ فَيَكُونُ.) ومعنى القيام هو الثبات والدّوام. فيقال : الجدار قائم أي ثابت لا يزول عن مكانه. ويحتمل أن يكون المراد من قيام السّماء والأرض قيام أهلهما في عالم الكون والفساد أي في الدنيا. فإن أهل السماء والأرض لا يزالون فيها وأهل الأرض وإن تطرّق إليهم الموت لكنّهم نائمون في قبورهم وعالم القبر يحسب من الدّنيا كما برهن في محلّه بل هو أمر محسوس لا ريب فيه حتى يحتاج إلى اقامة برهان لأن القبر مكان من أمكنة الأرض والأموات نائمون فيه والأرواح في قبضة الله تعالى بمقتضى الكتاب والسّنة ، ومثل الأرواح مثل أرواح أصحاب الكهف عينا ، فهي في الأجساد إذا لم يطرأ عليها تفسّخ وتفرّق لأجزائها ، وإلّا تعلّقت بالأجسام البرزخيّة أو المثالية بناء على تجسّم الأعمال. ويؤيّد هذا الاحتمال ذيل الكريمة (ثُمَّ إِذا دَعاكُمْ دَعْوَةً مِنَ