قَبْلِنا)(١) بتقريب أنّ هذا دعاء من النبي (صلىاللهعليهوآله) وقد استجابه الله على ما يدل عليه جملة من الأخبار وسيأتي بعضها ، والإصر هو العسر والمشقة كما سبق.
وفيه : أنّ الإصر له معان منها المشقة والعهد والعقوبة والذنب ، ولا يبعد أن يراد منه العقوبة يعني العقوبات الدنيوية كالمسخ ونزول العذاب ونحوهما مما كانت في الأمم السابقة وقد ارتفعت عن الأمة المرحومة كرامة لنبينا (صلىاللهعليهوآله) كما دلّت عليه جملة من الأخبار ، ولا شاهد على أنّ المراد العسر والمشقة كما هو مبنى الاستدلال (٢).
ومنها : قوله تعالى في سورة البقرة : (وَمَنْ كانَ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ)(٣) والتقريب واضح.
وفيه : أنه إشارة إلى حكمة رفع الصوم عن المسافر والمريض أداء وجعل بدله عدة من أيام أخر قضاء ، لا علة للحكم يدور مداره ، ولو كان علة فإن أريد منه العسر الشخصي لزم الحكم بوجوب الصوم على المسافر الذي لم يعسر عليه الصوم كالمقيم خمسة أيام أو سبعة إلى تسعة ، وعدم وجوب الصوم لمن عسر عليه الصوم في الحظر ، وهو كما ترى لا يقول به أحد ، والقول بأنّ ذلك خرج بالإجماع وإلّا كان مقتضى القاعدة ذلك ، فيه ما فيه لا يرضى به فقيه.
__________________
(١) البقرة ٢ : ٢٨٦.
(٢) أقول : قال في المجمع [مجمع البحرين ٣ : ٢٠٨] : قيل إنّ أصل الإصر الضيق والشدة انتهى. وهذا المعنى هو المفهوم منه عرفا والظاهر رجوع سائر المعاني إليه أيضا كما أشار إليه في المجمع ، وحينئذ فالآية ظاهرة فيما أراده المستدل ، اللهم إلّا أن يجاب بما يجاب به سائر الآيات الآتية كما سيأتي عن قريب.
(٣) البقرة ٢ : ١٨٥.