فعلى أنّه لا حكم له لغى ، وعلى الوجه الثاني فقد أدّى ما كان عليه.
ثانيهما : أن تكون الأمارة مثبتة لحكم ظاهري على من قامت عنده أمارة أدّت إلى غير الأحكام الواقعية ، والأحكام الواقعية ثابتة لعامّة المكلّفين فعلا وإن لم تكن منجّزة على غير العالمين بها ، فمن قامت عنده أمارة أدّته إلى خلاف الحكم الواقعي له حكمان واقعي غير معاقب عليه وظاهري يعاقب عليه ، والعالم ومن قامت عنده أمارة أدّته إلى الواقع له حكم واحد واقعي يعاقب عليه ، والجاهل أيضا له حكم واحد لا يعاقب عليه.
وهذا الوجه أظهر ما يتصوّر في القسم الثاني ، والعجب من إهمال المصنف إياه مع هذا الوضوح وذكره للوجوه الخفية. والفرق بين هذا الوجه والوجه الثاني المذكور في المتن أنّ الحكم الواقعي على هذا الوجه فعليّ لعامة المكلّفين وإن كان غير منجّز على من أدّت الأمارة عنده على خلافه ، وعلى الوجه الثاني المذكور في المتن ليس إلّا شأنية الحكم بملاحظة وجود المقتضي له في حقّ من قامت عنده الأمارة على الخلاف.
قوله : والجاهل مع قطع النظر عن قيام أمارة عنده على حكم العالمين لا حكم له ، أو محكوم بما يعلم الله أنّ الأمارة تؤدّي إليه (١).
(١) لعلّ الترديد ناظر إلى أنّ الجاهل قسمان قسم يعلم الله تعالى أنّه يبقى على جهله مدّة عمره فلم يجعل له حكما ، وقسم يعلم الله تعالى أنّه ستؤدّي الأمارة التي تقوم عنده إلى شيء فجعل ذلك الشيء حكما له من أول الأمر ، وهذا الترديد ينفع في وجوه التصويب على ما سيأتي فانتظر.
__________________
(١) فرائد الأصول ١ : ١١٣.