الحكيم.
ثالثها : أنّ ذلك من جهة تضاد الحكمين كما في مسألة اجتماع الأمر والنهي ، وحينئذ فإن قلنا بأنّ الطلب عين الإرادة فيكون تحليل الحرام محالا ذاتيا لاستحالة تعلّق الإرادة والكراهة بفعل واحد واقعا ، وإن قلنا بأنّ الطلب هو الإنشاء أو الإرادة الإنشائية وهو غير الإرادة النفسية يكون تحليل الحرام على هذا قبيحا كالأمر برفع النقيضين والجمع بين الضدين فإنّه ليس بمحال ذاتي إلّا أنّه محال بالعرض لأنّه قبيح لا يصدر عن الحكيم ، وإلّا فالإرادة النفسية متعلّقة بأحدهما دون الآخر.
والتحقيق أنه على هذا القول أيضا محال ذاتي ، لأنّ الطلب الحقيقي والإنشاء الواقعي لا يتعلق بتحليل ما هو حرام في الواقع ، وكذا لا يتعلق بالجمع بين الضدين ، وإن كان هنا طلب ظاهرا فإنّما هو طلب صوري ، فإن كان معنى الطلب هو هذا الإنشاء الصوري فتحريم الحلال بهذا المعنى ليس بمحال ذاتي ولا عرضي يصح وقوعه إذا كان مشتملا على مصلحة.
قوله : وفي هذا التقرير نظر ـ إلى قوله ـ وهو غير حاصل فيما نحن فيه (١).
(١) إحاطة العقول بجميع الجهات المحسّنة والمقبّحة وعلمه بانتفائها ليس من المستبعد في مثل هذه الأمور المعقولة كما نحكم بإمكان الاشتراك اللفظي الذي أحاله شرذمة ، وكذا إمكان الواجب الموسع وإمكان اجتماع الأمر والنهي وغير ذلك ، فإنّ الجهات المحسّنة والمقبّحة في مثل هذه الأمور التي حقائقها معقولة لنا وبمرأى ومسمع منّا ليست مما لا يدركه عقولنا ولا يمكن الإحاطة بها ، مثلا
__________________
(١) فرائد الأصول ١ : ١٠٦.