إلى أحد المجتهدين المختلفين في الفتوى ، والوجه ظاهر ممّا مرّ.
فتحصّل مما ذكرنا : أنّه لا مانع من الرجوع إلى أصالة الإباحة والبراءة وعدم الالتزام بشيء.
ويظهر من المصنف (رحمهالله) عدم جواز الرجوع إلى الأصل بوجهين :
أحدهما : قصور أدلة الأصل لشمولها لما نحن فيه ، فإنّه في رسالة أصل البراءة في حكم دوران الأمر بين الوجوب والحرمة من جهة عدم الدليل على تعيين أحدهما بعد قيام الدليل على أحدهما قال : فقد يقال في محلّ الكلام بالإباحة ظاهرا لعموم أدلّة الإباحة الظاهرية مثل قولهم (عليهمالسلام) : «كل شيء لك حلال» (١) وقولهم (عليهمالسلام) : «ما حجب الله علمه عن العباد فهو موضوع عنهم» (٢) فإنّ كلا من الوجوب والحرمة قد حجب عن العباد علمه ، وغير ذلك من أدلّته حتى قوله (عليهالسلام) : «كل شيء مطلق حتى يرد فيه نهي» (٣) أو أمر على رواية الشيخ (٤) إذ الظاهر ورود أحدهما تفصيلا ، فيصدق هنا أنه لم يرد أمر ولا نهي ، هذا كله مضافا إلى حكم العقل بقبح المؤاخذة على كل من الفعل والترك فإنّ الجهل بأصل الوجوب علّة تامة عقلا يقبح العقاب على الترك من غير مدخلية لانتفاء احتمال الحرمة فيه ، وكذا الجهل بأصل الحرمة ـ إلى أن قال ـ ولكنّ الإنصاف أنّ أدلة الإباحة في محتمل الحرمة ينصرف إلى محتمل الحرمة وغير الوجوب ، وأدلة نفي التكليف عمّا لم يعلم نوع التكليف لا يفيد إلّا عدم المؤاخذة على الترك والفعل وعدم تعيين الحرمة أو الوجوب ، وهذا
__________________
(١) الوسائل ١٧ : ٨٩ / أبواب ما يكتسب به ب ٤ ح ٤.
(٢) الوسائل ٢٧ : ١٦٣ / أبواب صفات القاضي ب ١٢ ح ٣٣.
(٣) الوسائل ٢٧ : ١٧٣ / أبواب صفات القاضي ب ١٢ ح ٦٧.
(٤) أمالي الطوسي : ٦٦٩ / ١٤٠٥.