هذا الترك ترك غير اختياري فاذا لم يعاقبه المولى لعدم شربه المحرم لا يكون فيه محذور اذ المحذور في العقاب على أمر غير اختياري وأما عدم العقاب لعدم العصيان فلا يكون فيه محذور وان كان عدم العصيان بدون الاختيار فتحصل ان القطع بكون المائع الفلاني خمرا لا يوجب حرمته بعنوان انه خمر ، هذا تمام الكلام في الجهة الاولى.
وأما الجهة الثانية : فربما يقال بأن القطع بكون شيء حراما يوجب حرمته بالعنوان الثانوي وذكر في تقريبه وجوه : الوجه الاول : ان القطع بالمفسدة في شيء يوجب حرمته وكذلك القطع بوجود المصلحة في شيء يوجب وجوبه لان الاحكام تابعة للمصالح والمفاسد والقطع بالمفسدة يوجبها كما ان القطع بالمصلحة كذلك.
وفيه : انه لا دليل على هذا المدعى بل الدليل على خلافه لان الاحكام تابعة للمصالح والمفاسد في متعلقاتها والمصالح والمفاسد امور واقعية لا دخل للقطع وعدمه في ثبوتها وعدمها. ان قلت : يمكن التأثير ويحتمل تحقق الملاك في المتعلق بالقطع. قلت : نفرض امكانه ولكن مجرد الامكان لا يقتضي الحكم على طبقه مضافا الى أن استصحاب العدم يقتضي عدمه فان استصحاب عدم تحقق الملاك يقتضي عدم تحققه كما ان مقتضى استصحاب عدم حدوث الحكم عدم تحقق الحرمة والوجوب بل مقتضى اطلاق حلية ذلك الشيء بقاء حليته حتى في حال القطع بحرمته إلّا أن يقال انه مع القطع بالحرمة لا مجال لبقاء الحلية لعدم ترتب أثر عليه ، اضف الى ذلك ان لازم القول المذكور انه لو قطع المكلف بحرمة شيء وكان حراما واقعا تكون حرمته متضاعفة اذ المفروض كونه حراما في حد نفسه ومن ناحية اخرى فرض ان المكلف قطع بحرمته وهل يمكن