عنه ، والحرمان عما يكون مطلوبا مكروه بالذات.
إذا عرفت هذا ظهر عندك حال كل من سواك من أهل المشرق والمغرب ، انهم ينازعونك فى طلب الجاه ويحاولون (١) دفعك عنه ومنعك من الوصول إليه ممن طلب الجاه ، فقد ألجأ كل من سواه من أهل المشرق والمغرب إلى عداوته ومنازعته وإبطال حياته وإبطال جميع كمالاته ، ومعلوم أنك واحد منهم ، ولو قدرت على المقاومة (٢) لم تقدر إلا على مقاومة واحد أو الاثنين ، وإذا اجتمع قوم على مقاومتك قهروك ولا سيما إن اجتمع أهل المشرق والمغرب فلا بد وان يقهروك وأن يوصلوا إليك كل شر ومحنة ، اللهم إلا إذا صرت مؤيدا بالتأييدات الإلهية السماوية أو الاتفاقات الفلكية الغربية النادرة حتى تنجو (٣) منهم مدة قليلة إلا أن النادر لا عبرة به والمرجوح.
فثبت أن من طلب الجاه فكأنه حرك البحر الأعظم من الآفات ، ويهدف لأن يحته الموج من كل جانب من غير أن يكون له عن ذلك مهرب ، ولا دافع ، وذلك مما لا يقدم عليه العاقل.
الخامس وهو أن حصول الجاه مبنى على ميل القلوب ، وميل القلب إلى الاعتراف بفضيلة الغير لا يحصل إلا عند الاعتراف بفضيلته هو الأمر العرضى ، ولا سيما من العرض السريع الزوال ، ولهذا السبب كان الأصل فى اعتقاد الإنسان فى كون غيره أفضل منه هو العدم ، فإن حصل فيزول عن قريب ، ولما كان مدار الجاه على هذا
__________________
(١) المخطوطة : ويحاولو دفعك
(٢) أيضا : على المساومة الخ
(٣) أيضا : حتى تنجوا منهم