أقبل عليهم فقال : هل علمتم ما فعلتم بيوسف وأخيه؟ .. إلخ.
وعن الباقر عليهالسلام في حديث قال : ... واشتدّ حزن يعقوب حتى تقوّس ظهره ، وأدبرت الدنيا عنه وعن ولده حتى احتاجوا حاجة شديدة وفنيت ميرتهم. فعند ذلك قال يعقوب لولده : اذهبوا فتحسّسوا من يوسف وأخيه إلخ ... فخرج منهم نفر وبعث معهم ببضاعة يسيرة وكتب معهم كتابا إلى عزيز مصر بتعطيفه على نفسه وولده ، وأوصى ولده أن يبدءوا بدفع كتابه قبل البضاعة (وذكر صفة الكتاب كما أثبتناه إلى قوله : وعجّل سراح آل إبراهيم ، ثم قال :) فلما مضى ولد يعقوب من عنده نحو مصر بكتابه ، نزل جبرائيل على يعقوب فقال له : يا يعقوب إن ربّك يقول لك : من ابتلاك بمصائبك التي كتبت بها إلى عزيز مصر؟ قال يعقوب : أنت بلوتني بها عقوبة منك وأدبا لي. قال الله : فهل كان يقدر على صرفها عنك أحد غيري؟ قال يعقوب : اللهم لا. قال : فما استحييت مني حين شكوت مصائبك إلى غيري ولم تستغث بي وتشكوا ما بك إلي؟ فقال يعقوب : أستغفرك يا إلهي وأتوب إليك ، وأشكو بثّي وحزني إليك. فقال الله تعالى : قد بلغت بك يا يعقوب وبولدك الخاطئين الغاية في أدبي. ولو كنت يا يعقوب شكوت مصائبك إليّ عند نزولها بك ، واستغفرت وتبت إليّ من ذنبك لصرفتها عنك بعد تقديري إياها عليك ، ولكن الشيطان أنساك ذكري فصرت إلى القنوط من رحمتي ، وأنا الله الجواد الكريم أحب عبادي المستغفرين التائبين الراغبين إليّ فيما عندي. يا يعقوب : أنا رادّ إليك يوسف وأخاه ، ومعيد إليك ما ذهب من مالك ولحمك ودمك ، ورادّ إليك بصرك ، ومقوّم لك ظهرك. وطب نفسا وقرّ عينا ، وإنما الذي فعلته بك كان أدبا منّي لك ، فاقبل أدبي.
والحاصل أنه لمّا بلغت الفرقة غايتها ، وأذن الله ليوسف أن يكشف عن أمره ويعرّف نفسه لإخوته ، جاء ذلك كلّه مقدمة لحصول وصال أبيه وإزالة ضرّه عليهالسلام فقال بدوا : إخواني ـ على قول ـ فأفهمهم أنه أخوهم أولا ، ثم لما سألهم عمّا فعلوه بيوسف وأخيه الذي نسبه إليه ثانيا ، تبسّم