بطريق ظهورها ، وتتطوّر استعدادا لخروجها ، في حين أنها قد تستقر أكثر من ذلك في أصلاب الآباء والرجال كما يظهر بالتأمّل ، وهي في كلا الحالين ستخرج إلى عالم الحياة في الدّنيا ، وستخرج إلى مرحلة الموت والبعث في الآخرة إما إلى جنّة وإمّا إلى نار ، أي إلى عالمين آخرين ربّما كانا هما المستقر والمستودع والله العالم. وفي الكافي عن الكاظم عليهالسلام : أن الله خلق النبيّين على النبوّة فلا يكونون إلّا أنبياء ، وخلق المؤمنين على الإيمان فلا يكونون إلّا مؤمنين ، وأعار قوما إيمانا فإن شاء تممّه لهم وإن شاء سلبهم إياه. قال : وفيهم جرت : فمستقرّ ومستودع. قال : إن فلانا كان مستودعا إيمانه ، فلمّا كذّب علينا سلب إيمانه ذلك. وقد كنّى بفلان عن أبي الخطاب محمد بن أبي مقلاص الغالي كما يستفاد من حديث شريف آخر (قَدْ فَصَّلْنَا الْآياتِ لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ) أي يعلمون عن تفكّر وتبصّر وتدبّر. ففي ذكر آية النجوم قال تعالى : لقوم يعلمون : أي يعرفون ، وفي آية خلق بني آدم قال تعالى : لقوم يفقهون ، لأن الآية الأولى لا تحتاج إلى أكثر من أخذ العلم بما فيها من قدرة وعظمة ومنافع ، في حين أن الآية الثانية تعرض للتخليق والإنشاء وتصريف أحوال بني البشر في أطوار مختلفة تقتضي العلم والفطنة والدقة والنظرة العميقة التي تستجلي غوامض الخلق والإنشاء ، والفرق جاء من هنا والله أعلم.
٩٩ ـ (وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً ...) يشير بذلك سبحانه إلى أن المياه التي تصل إلى الأرض إجمالا ، مصدرها ومنشأها السماء. ولكن يجب أن لا ننسى أن المراد بلفظ السماء يعني الفوق والعلوّ ، سواء كانت السماء الدّنيا أو ما فوقها أو ما تحتها ، وسواء كان منشأ تكوّن المياه البحار الأرضية أو هي بحار أخرى مسخّرة بين السماء والأرض يحملها السحاب أو غيره. فهو جلّ وعلا ينزل الماء بقدرته وبتقديره وبحسب المصالح والمنافع إذ قال سبحانه : (فَأَخْرَجْنا بِهِ نَباتَ كُلِّ شَيْءٍ) أي فأبرزنا بواسطته جميع ما تنبته الأرض من جميع أصناف النبات والأشجار