أشهرهم ترتيب عدد أهلّة القمر ومنازله. والشهور مفردها : شهر ، وقد أخذ اسمه من شهرة الأمر وحاجة الناس إليه في عباداتهم ومعاملاتهم. فعدد الشهور هكذا (فِي كِتابِ اللهِ) أي فيما قدّره وكتبه في اللوح المحفوظ ، وفيما أنزله في كتبه السماوية إذ قدّر ذلك (يَوْمَ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ) أي يوم أجرى الشمس والقمر وسيّرهما بطريقة تتولّد منها الشهور والأيام ، و (مِنْها) أي من الشهور (أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ) ثلاثة سرد هي : ذو القعدة ، وذو الحجة ، والمحرّم ، وواحد فرد هو : رجب ، كما ذكرنا سابقا. ومعنى كونها حرما أنها يكبر فيها انتهاك المحارم أكثر من غيرها. وقد كانت العرب ـ قبل الإسلام ـ تعظّم هذه الشهور حتى أن الرجل لو التقى بقاتل أبيه أثناءها لم يتعرّض له بسوء ولم يخفه لحرمة هذه الشهور. وقد جعل الله سبحانه بعض الشهور أعظم حرمة من بعض لما علمه من المصلحة المؤدية إلى الكفّ عن الظلم فيها بسبب عظم منزلتها ، وبأمل أن يؤدّي ذلك بين الناس إلى إذهاب الغل وإطفاء نائرة الحقد أثناء تلك المدة الطويلة ، الأمر الذي قد يؤدّي إلى تخفيف سورة الحميّة ووقوع الصلح بين المتخاصمين (فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَ) أي في الشهور المذكورة لا تظلموا (أَنْفُسَكُمْ) بالتعدّي على أوامر الله تعالى ونواهيه وفائدة هذا الكلام أن الطاعة في الأشهر الحرم تكون أعظم ثوابا والمعصية بالعكس (وَقاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً) أي قاتلوهم جميعا وبكل قواكم واجتمعوا لذلك (كَما يُقاتِلُونَكُمْ كَافَّةً) أي جميعهم. ولفظة (كَافَّةً) منصوبة على الحال من المسلمين ٠ ويجوز أن تكون حالا عن المشركين أيضا. والجملة أمر بقتالهم دون مراعاة عهود أو مواثيق إلا لمن كان من أهل الذّمة وأعطى الجزية وهو صاغر (وَاعْلَمُوا) اعرفوا جيدا وتيقّنوا (أَنَّ اللهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ) يتولّى أمورهم وينصرهم على أعدائهم.
وهذه الآية تدلّ صراحة على أن المعتبر عند الله سبحانه هو الشهور القمرية وعليها تترتّب الأحكام الشرعية ومسائل العبادات ، أما الشهور الشمسيّة فلا اعتبار لها لأنها يزاد في شهر شباط منها وينقص ، ولذلك قال