عليّا وأمره أن ينبذ إلى كل ذي عهد عهده. وقد روى عاصم بن حميد عن أبي بصير عن الإمام الباقر عليهالسلام أنّه قال : خطب عليّ عليهالسلام الناس واخترط سيفه فقال : لا يطوفنّ بالبيت عريان ، ولا يحجّن البيت مشرك ، ومن كان له مدة فهو إلى مدته ، ومن لم يكن له مدة فمدته أربعة أشهر. وقد فعل ذلك عند جمرة العقبة ثم قرأ عليهم سورة براءة ، وقيل : قرأ عشر آيات أو ثلاث عشرة آية من أولها ، فقال المشركون قاتلهم الله : نحن نتبرّأ من عهدك وعهد ابن عمّك.
٣ ـ (وَأَذانٌ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ ...) أي وإعلام للناس من الله ورسوله في نداء يوجّهه إليهم (يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ) يوم عرفة ، وقيل : يوم الوقوف (والحج الأصغر الذي ليس فيه وقوف ، أي العمرة) وقيل هو يوم النّحر كما روي عن الإمام الصادق عليهالسلام وابن عباس وكثيرين ، وقيل أخيرا : عنى به حجّ المسلمين والمشركين معا لآخر مرّة. ولفظة : أذان معطوفة على : براءة التي هي خبر لمبتدأ محذوف تقديره : هذه الآيات براءة من الله ، وهي أذان منه ومن رسوله (أَنَّ اللهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) أي نازع عصمة عهودهم ، وقد حذف المضاف هنا (عهود) وأقيم المضاف إليه (الْمُشْرِكِينَ) مقامه ، وَكذلك (رَسُولِهِ) بريء منهم أيضا. وحسن ما ذكره صاحب المجمع من قولهم : إن البراءة الأولى لنقض العهد ، والبراءة الثانية لقطع الموالاة والإحسان ، وليس ذلك بتكرار. وقريء : رسوله ، بالفتح. فمن قرأه بالرفع فعلى أنه مبتدأ محذوف خبره إذ يدل عليه ما تقدّمه وتقديره : ورسوله أيضا بريء منهم. ومن قرأه بالفتح فعلى العطف على لفظة الجلالة مقدّرا : أن الله بريء من المشركين وأن رسوله بريء منهم أيضا (فَإِنْ تُبْتُمْ) أيها المشركون عن الشّرك في هذه المدة ووحّدتم الله وآمنتم به وبرسوله (فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ) من بقائكم على عنادكم وشرككم (وَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ) أي انصرفتم عن الإيمان وأقمتم على الكفر (فَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللهِ) لا تفوتونه ولا يعجز عن عقابكم في الدّنيا ، وإنما يمهلكم لتظهر لكم حجته (وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِعَذابٍ أَلِيمٍ) أي أخبرهم يا محمد