وأضاءت شمس هداية الإسلام على الجامعة البشرية ، وسطع نور هذا الدين السهل السمح الذي حمل للناس دستورا للمعاش والمعاد ، وقانونا للإرث منّزها عن شوائب الأوهام ، ومبرّأ عما يخالف الفطرة والبرهان ، خاليا عن الخرافات التي عقدوها للتفريق بين الذكور والإناث ، وبين الكبار والصغار ، والرجال والنساء والعول والتعصيب ، فطهّر باب الإرث ما كانوا قد دنّسوه وجاء بقانون بديع أسسه الله تعالى لعباده خاليا ممّا لا يليق بشرع الإسلام وجعل مناط الإرث منحصرا في ثلاثة أشياء هي : النسب ، والسبب ، والولاء.
والمراد بالنسب الارتباطات التي تنشأ من ناحية التولّد والتوليد مع شرائطهما نفيا وإثباتا.
والمراد بالثاني هو ما يوجد من ناحية الأزواج والارتباطات السببيّة.
والمقصود من الثالث أمور ثلاثة ، هي : ولاء العتق ، وضامن الجريرة ، والإمامة. ولهذه الطبقات أحكام وشرائط ذكرها هنا يأتي خارجا عما نحن فيه فليطلب في مظانّه المبسوطة من الكتب الفقهية في أبوابها الخاصة بالمواريث ، رضوان الله على علمائنا الصالحين الأبرار الذين أتعبوا أنفسهم المخلصة في جمعها وتقريرها وتحريرها ونشرها الى أن وصلتنا صافية مصفّاة مشروحة شرحا صافيا وافيا. ومثلها لم يكن مدّونا قبلها في بقية الأديان : فجاء الإسلام الشريف الحنيف يسدّ باب تضييع تلك الأحكام ، ويرفع الإجحاف من جميع الجهات.
وبالمناسبة لا بدّ أن نذكر أمورا هامة : أولها أن الكافر لا يرث المسلم ولا يحجب وارثه ، وعلى ذلك إجماع المسلمين قديما وحديثا. وثانيها أن المسلم يرث الكافر ، وعليه إجماع الشيعة تبعا لأهل بيت الوحي عليهمالسلام وتبعا لحديثهم وقد تبعهم على ذلك جمع من التابعين كسعيد بن المسيّب ومسروق ونحوهما ، ومن الصحابة كمعاذ بن جبل وعبد الله بن دغفل ، ومن أكابر السنة كأحمد والبخاري ومسلم والحاكم وغيرهم ، فقد