موسى عليهالسلام على طريقة خاصة يستفاد منها انحصاره بالأنساب فقط على ما في بعض أسفار التوراة. فإنه لو مات شخص وكان له ابن فهو الوارث لا غيره. وإن لم يكن له ابنّ فالميراث لبنته ، وإذا لم تكن له بنت فما تركه يكون لأخيه ، وإذا لم يكن له أخ فللأقرب فالأقرب ممّن ينتسب للميّت. وفي الأقرب فالأقرب يدور الميراث ـ على دين موسى عليهالسلام ـ مدار النسب. أما في عصر الجاهلية وقانون الإرث قبل الإسلام ، فكان الإرث أولا منحصرا بواحد من الأمور الثلاثة التي أحدها النسب أي الأولاد الذكور والرجال دون الأطفال والنّسوان. ولذا نرى أن النبىّ (ص) اهتمّ غاية الاهتمام بأمر إرث الأطفال والنساء وعلى الأخص إرث الأطفال. وقد قال سبحانه : (إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً إِنَّما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ ناراً) ، تركيزا على حفظ إرث الأولاد الذي كرّسه سبحانه وتعالى. والثاني هو التبنّي وهو أن يولد الطفل من أبيه ثم ينسب الى غيره فيسمّيه هذا الغير ابنا له بالعناية والمجاز. وقد كان هذان يتعاهدان على أن يورّث كلّ منهما الآخر ، أي أن الابن المجازي يرث الأب المجازي ، والأب المجازيّ يرث الابن المجازي ... والثالث كان التعاهد والقرار بين النفرين بأنّ كل واحد منهما ... ما دام في الحياة ـ يدفع عن الآخر الأضرار والحوادث ، وإذا مات كان ميراثه لذلك الآخر منهما .. وهذه الأمور في باب الإرث أمور أحدثوها وأبدعوها بآرائهم واتّبعوا فيها أهواءهم ، وما أنزلت في صحيفة من الصّحف السماوية ولا في خبر صحيح من الأخبار الأرضية ، بل هي مختلقات ومخترعات شهوانيّة نفسانية نعوذ بالله منها.
والحاصل أن الشريعة الإسلامية قد جاءت في عصر أرخى فيه الجهل سدوله على العالم من أطرافه ، بحيث ضلّ الناس في تيه الشهوات ، وخبطوا في ظلمات الغيّ ، وساروا وفق شريعة الغاب الوحشية ، فكانت الدنيا كلّها في ضلالة وجهالة ، ومن ثم كانت في أشد الاحتياج الى مصلح ربّانيّ روحاني ، فبعث الله تعالى رسوله محمدا (ص) بشيرا ونذيرا ، وهاديا الى طريق الحق والرشاد ، فأخرج البشر من حمأة الكفر وظلمة بيداء الجهل ،