الباب الثالث
في الكناية وتعريفها وأنواعها
الكناية (١) لغة : ما يتكلم به الإنسان ، ويريد به غيره ، وهي : مصدر كنيت ، أو كنوت بكذا ، عن كذا ، إذا تركت التصريح به
__________________
(١) توضيح المقام : أنه إذا أطلق اللفظ ، وكان المراد منه غير معناه فلا يخلو إما : أن يكون معناه الأصلي مقصودا أيضا ، ليكون وسيلة إلى المراد وإما : ألا يكون مقصوداً ، فالأول : الكناية : والثاني : المجاز.
فالكناية : هي أن يريد المتكلم اثبات معنى من المعاني : فلا يذكره باللفظ الموضوع له ولكن يجىء إلى معنى هو مرادفه ، فيومىء به إلى المعنى الأول ، ويجعله دليلا عليه أو الكناية هي اللفظ الدال على ما له صلة بمعناه الوضعي ، لقرينة لا تمنع من ارادة الحقيقة ، كفلان نقي الثوب ، أي مبرأ من العيب ، كلفظ «طويل النجاد» المراد به طول القامة ، فانه يجوز أن يراد منه طول النجاد أي علاقة السيف أيضا ، فهي تخالف المجاز من جهة إمكان إيراد المعنى الحقيقي مع إرادة لازمه.
بخلاف المجاز فانه لا يجوز فيه ارادة المعنى الحقيقي لوجود القرينة المانعة من ارادته.
ومثل ذلك قولهم «كثير الرماد» يعنون به أنه كثير القرى والكرم ، وقول الحضرمي :
قد كان تعجب بعضهن براعتي |
|
حتى رأين تنحنحى وسعالى |
كنى عن كبر السن بتوابعه ، وهي التنحنح والسعال.
وقولهم : المجد بين ثوبيه والكرم بين برديه ، وقوله :
ان السماحة والمروءة والندى |
|
في قبة ضربت على ابن الحشرج |